متقوم وهو المهر كالبيع في باب البيع، فيضمنان قيمة البضع في أحد الفصلين والمسمى في الآخر.
والفرق بين الفصلين: أن الضمان إنما يجب على الشهود بسبب الإتلاف؛ والشاهد إنما يصير متلفاً ما دخل تحت قضاء القاضي، والداخل تحت القضاء في الفصل الأول نفس النكاح لا المهر؛ لأن الشهود إنما شهدوا بالنكاح بمهر مقبوض، وفي مسألة القاضي لا يقضي بالمهر؛ لأنه مقترن بالقضاء بالمهر ما يمنع القضاء بالمهر وهو كون المهر مقبوضاً، فصار الشاهد بشهادته متلفاً على المرأة منافع بضعها لا المهر، فيضمنان قيمة منافع بضعها وهي مهر المثل، أما في الفصل الثاني القاضي قضى بالمهر حين قضى بالنكاح، لانعدام ما يمنع القضاء به وهو كون المهر مقبوضاً، فلم تكن الشهادة بالنكاح ولا القضاء به إتلافاً لمنافع بضعها، لأنه قابل منافع بضعها عوضاً فوقها فبقيت الشهادة بالقبض بعد ذلك إتلافاً للمهر عند القضاء، فإذا رجع الشاهدان عن شهادتهما صارا متلفين للمهر فيغرمان ذلك.
وإذا شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته واحدة، وشهد آخر أنه طلقها ثلاثاً، ولم يكن الزوج دخل بها، وقضى القاضي بالفرقة وبنصف المهر، ثم رجعوا عن شهادتهم، فلا ضمان على شهود الواحدة، وعلى شهود الثلاث نصف المهر، لأن القضاء ههنا ما وقع بشهادة شهود الواحدة، وإنما وقع بشهادة شهود الثلاث.
بيانه: أنه تعذر القضاء بالشهادتين؛ لأنه لو قضى بهما، فإنما يقضي بأن يجعل الواحدة سابقة على الثلاث؛ لأنه لا يتصور بعد إيقاع الثلاث، والقضاء بالواحدة ثم بالثلاث لا يفيد؛ لأن حكم الواحدة حرمته حقيقة ولا تثبت هذه الفائدة مع القضاء بالثلاث، والقاضي لا يشتغل بما لا يفيد، فلا يقضي بالواحد لعدم الفائدة.
وإذا شهد شاهدان على رجل قد دخل بامرأته أنه طلقها ثلاثاً، وفرق القاضي بينهما، وألزم الزوج بالمسمى، ثم رجعا عن شهادتهما فلا ضمان عليهما للزوج.
ولو شهدا بالطلاق وكان ذلك قبل الدخول بها، وفرق القاضي بينهما وألزم الزوج بنصف المسمى، إن كان في النكاح تسمية، أو المتعة إن لم يكن في النكاح تسمية ثم رجعا فإنهما يضمنان ذلك للزوج.
والفرق: أن في الطلاق قبل الدخول إنما وجب الضمان على الشاهد عند الرجوع بدلاً عما (نفياً) عليه من نصف المهر بعد وجود سبب السقوط وهو الفرقة الجائية، (لأن) الزوج قبل الدخول بها إذ الإبقاء بعد وجود سبب السقوط في معنى إيجاب مبتدأ، فإنما ضمنا نصف المهر بدلاً عما أوجبا عليه، لا بدلاً عما أتلفا عليه من منافع البضع، وفي