وفلان من أناس السلطان، ثم طلب منهما الشهادة على إقرار هذا المقر، والمقر يزعم أنه أقر خوفاً من المقر له، فإن على الشاهدين أن يشهدا عن هذا الأمر، وإن وقفا على أمر فيه خوف أو إكراه امتنعا عن الشهادة لأن قوله تأيد بمؤيد وإن لم يع على ذلك يشهدان على إقراره ويخبران القاضي أنه أقر، ومعه عوان السلطان حتى يتأمل القاضي فيه.
رجل أقر بين يدي قوم إقراراً صحيحاً أن لفلان عليه كذا وكذا درهماً، فمضت على ذلك مدة ثم جاء عدلان أو ثلاثة إلى هؤلاء الشهود، وقال: شهدوا لفلان على فلان بالدين، فإنه قضاه كله، فالشهود بالخيار إن شاؤوا امتنعوا عن الشهادة، وإن شاؤوا شهدوا بذلك وأخبروا الحاكم بالقصة ثم لا يقضي القاضي بالمال حتى يتفحص، كذا ذكره في «فتاوي أبي الليث» عن الفقيه أبي جعفر وأبي نصر ابن سلام.
وفي «العيون» عن محمد: إذا شهد عدلان عند شاهد الدين أن صاحبه قد استوفاه، لا يسعه أن لا يشهد بالدين إذا طلب منه صاحبه، ولكن يشهد أيضاً بما أشهده بالشاهدين على شهادتهما بالاستيفاء، أراد به أنه يخبر القاضي بذلك، أما لا يشهد على شهادتهما لأنهما ما أشهداه على شهادتهما.
وفي «الواقعات» عن محمد أنهما يشهدان أنه كان عليه ذلك ولا يشهدان أن له عليه. وفي «نوادر هشام» عن محمد رحمه الله أنهما بالخيار إن شاءا شهدا، وإن شاءا لم يشهدا.
وفي «نوادر بشر» : عن أبي يوسف رحمه الله: إذا شهد الرجل على حق لرجل ثم أخبره رجلان يثق بهما أنه قد قبض حقه، فليس له أن يمتنع عن أداء الشهادة إذا سأله الطالب أن يشهد بحقه؛ لأنه ليس إليه إن سمع من الشهود أن يحكم به، قال أبو يوسف رحمه الله: وكذلك في النكاح إذا أشهد الرجل على نكاح امرأة ثم أخبره رجلان يثق بهما أنه طلقها والمرأة تجحد النكاح، فسأله الرجل أن يشهد له بالنكاح لم يكن له أن يمتنع عن الشهادة ولو كان الطالب أخبره بالطلاق أو القبض ثم دعاه إلى تلك الشهادة لم يشهد بها.
وفي «المنتقى» قال محمد رحمه الله: إذا شهدت أقبل البيع أو النكاح أو قبل العمد أو الإقرار بشيء من ذلك، ثم شهد عندك عدلان على الزوج أنه طلقها ثلاثاً بحضرتنا، أو أن امرأة واحدة أرضعتهما وهما صغيران في الحول، أو أن المشتري أعتق الجارية أو أن البائع أعتقها قبل أن يبيعها من هذا المشتري، أو أن الميت قد عفى بنفسه قبل أن يموت، وقد أنكرت المرأة أن تكون امرأته وأنكرت الجارية أن تكون أمة المشتري لم يسعك أن تشهد على أصل القود وأشباه ذلك، ألا ترى أنهما لو شهدا عند الزوجة بالطلاق، أو شهدا عند الأمة بالعتق لم يسعهما أن يدعاهما بجامعاهما، فكذا لا يسع للشاهد أن يشهد وإن كان ذلك بحق قبله. وإن كان الشاهد بذلك واحداً عدلاً لم يسع للشاهدين أن يمتنعا عن أداء الشهادة الأولى، ولم يسع الزوجة والأمة منع الزوج والمولى الجماع.
قال: وما أقر به الرجل من مال أو ما أشير به بين يدي رجل لرجل آخر ثم أنكر