الشهود كما هو طريق الإشهاد على الشهادة حتى شهدوا عند القاضي على شهادتهما بالاسم والنسب، وشهدوا بأصل الحق بطريق الأصالة، فيجوز ذلك بلا خلاف.
وفي «الجامع الأصغر» قال أبو بكر الإسكاف رحمه الله: المرأة إذا ضرب وجهها، وقالت: أنا فلانة بنت فلان وقد (116أ4) وهبت زوجي مهري فإن الشهود لا يحتاجون إلى شهادة عدلين أنها فلانة بنت فلان ما دامت حية؛ لأنه يمكن للشاهدين أن يسرا لها، فإن ماتت حينئذٍ يحتاج الشهود إلى شهادة شاهدين أنها كانت فلانة بنت فلان.
قال نجم الدين النسفي: ويصلح تعريف من لا يصلح شاهداً لها كان الإشهاد لها أو عليها؛ لأن هذا خبر وليس بشهادة، ولهذا لم يشترط لفظة الشهادة، وفي الخبر الحاجة إلى موثق يوثق به، ومن المشايخ من قال: إذا كان الإشهاد لها لا يصلح تعريف من لا يصلح شاهداً لهما.
وعن محمد بن مقاتل رحمه الله: إذا سمع الرجل صوت امرأة من وراء الحجاب، وشهد عنده اثنان أنه فلانة بنت فلان لا يجوز أن يشهد عليها أطلق الجواب إطلاقاً وكان الفقيه أبو الليث رحمه الله يقول: إذا أقرت المرأة من وراء حجاب وشهد عنده اثنان أنها فلانة لا يجوز لمن سمع إقرارها أن يشهد على إقرارها، إلا إذا رأى شخصها يعني حال ما أقرت فحينئذٍ يجوز له أن يشهد على إقرارها بشرط رؤية شخصها لا رؤية وجهها.
وذكر الخصاف في «أدب القاضي» إذا أراد الرجل أن يعرف المرأة التي تريد أن يشهد لها بوكالة أو بأمر من الأمور ينبغي أن يدخل عليها وعندها جماعة من النساء ممن يوثق بهن ذلك الرجل، فيسألهن: أهذه فلانة بنت فلان؟ فإن قلن نعم يتركها أياماً، ثم نظر إليها بحضرة نسوة أخرى، فيصنع بها مثل ذلك، وكذلك يتردد إليها مراراً شهرين أو ثلاثة، فإذا وقع معرفتها في قلبه بقول نساء ورجال ومن أمكنه شهد عليها بذلك.
وفي «فتاوى النسفي» : إذا شهدا على امرأة سمياها ونسبا وكانت حاضرة وقال القاضي للمشهود: هل تعرفون المدعى عليها؟ فقالوا: لا فالقاضي لا يقبل شهادتهم، ولو قالا: تحملنا الشهادة على امرأة اسمها ونسبها كذا، ولكن لا ندري أن هذه المرأة هل هي تلك المرأة بعينها أم لا؟ صحت شهادتهما على المسماة، فكان على المدعي إقامة البينة أن هذه هي التي سموها ونسبوها بخلاف الأول؛ لأن في الأول أقروا بالجهالة، فبطلت شهادتهم، ولا كذلك هذا الوجه.
وفي «فتاوى أبي الليث» : سئل نصير رحمهما الله عن الشاهد إذا دعي إلى شهادة وهو في الرستاق، إن كان بحال لو حضر مجلس الحكم وشهد يمكنه الرجوع إلى أهله في يومه يجب عليه الحضور؛ لأنه لا ضرر عليه في الحضور، وإن كان لا يمكنه الرجوع إلى أهله في يومه لا يجب عليه الحضور، وإن كان الشاهد شيخاً كبيراً لا يقدر على المشي بالأقدام، وليس عنده ما يركب فكلف المشهود له بدابة يركب ويحضر فلا بأس به، وهذا من إكرام الشهود.
وعن أبي سليمان الجوزجاني: رجل أخرج شهوداً إلى ضيعة قد اشتراها، فاستأجر