الوصاية لما كان غير شهود الوفاة، وعدة الورثة والقضاء بناء على الشهادة بذكر القاضي القضاء بما اجتمع عليه كل فريق على حدة ليعلم أن القضاء واقع بأي شهادة، ثم قال: وذلك بعد أن انتهت إليه عدالته وأمانته وإنه موضع لذلك؛ لأن القاضي لو عرف فسقه أو خيانته لا يقضي بوصايته، فيذكر ذلك ليعلم أن قضاءه وقع في محله.
ثم ذكر وأنه أمره أن يقوم في جميع تركة أخيه فلان بن فلان مقام الوصي فيما يجب في ذلك ثبت عليه، وألزام القاضي فلان بن فلان الذي حضر يعني المدعى عليه ما أقر به عنده لفلان من الدراهم الموصوفة فيه، وقضى بذلك كله عليه، وأمره بدفعها إلى فلان بن فلان الذي حضر وصي أخيه فلان، وهذا لأن المال قبل القسمة مبقاة على حكم ملك الميت، فيكون الدين للميت، فلهذا أضاف الدين إليه، ولكن إذا آل الأمر إلى الآمر بالدفع، يأمر القاضي بدفعها إلى الوصي لأنه قائم مقام الميت في قبض حقوقه.
ثم يذكر وأنفذ ذلك كله وقضى به على ما سمى، ووصف في هذا الكتاب بمحضر من فلان وفلان، وهو يومئذ قاضي عبد الله فلان أمير المؤمنين على مدينة كذا، إنما ذكر ذلك لأن الإشهاد على الحكم إنما يصح من القاضي، والقضاء لا ينفذ إلا من القاضي، فشرط أن يذكر أنه قاض يوم الحكم ليعلم أن القضاء وقع صحيحاً ثم يكتب التاريخ والله أعلم.
وليس للقاضي ولاية نصب الأوصياء، ولا ولاية نصب قيّم الأوقاف إذا لم يكن في منشوره ذلك إذا قال القاضي لرجل جعلتك وكيلاً في تركة فلان فهو وكيل بالحفظ خاصة، إلا أن يكون به ما يدل على الوكالة بأن يقول: تبيع ونشتري فحينئذٍ يكون وكيلاً تاماً، ولو قال جعلتك وصياً في تركة فلان فهو وصي تام، وهذا لأن القاضي بمنزلة المالك ولو قال المالك لرجل أنت وكيل في مالي فهو وكيل بالحفظ، ولو قال أنت وصي في مالي فهو وصي تام له بعد الموت، فكذا إذا قال القاضي ذلك.
القاضي إذا خرج إلى القرية ونصب فيما في أمور الصبي أو في وقف أو في نكاح أيتام، حكى فتوى ظهير الدين رحمه الله أنه يجوز لأنه ليس بقضاء ولا هو من عمل القضاء، فلا يشترط له المصر وإنه مشكل عندنا لأن القاضي إنما يفعل ذلك بولاية القضاء، ألا ترى أنه لو لم يؤذن له في ذلك لا يملك فكان من جملة القضاء والله أعلم.
قال: القضاء على الغائب وللغائب لا يجوز إلا إذا كان عنه خصم حاضر، أما قصدي في ذلك بتوكيل الغائب أما هو إما حكمي، وذلك بأن يكون المدعي على الغائب سبباً لثبوت المدعي على الحاضر لا محالة أو شرطاً له على ما ذكره فخر الإسلام رحمه الله، وعند عامة المشايخ أن يكون المدعي على الغائب سبباً لثبوت المدعى عليه على