في السنين الأولى، ويرجع المستأجر بالذي أنفق في غلة الوقف، إن كان للمؤاجر ولاية في الوقف، وإلا فهو متطوع فيما أنفق لا يرجع به على المؤاجر ولا في علة الوقف، لأنه إذا لم يكن له ولاية، صار وجود الأمن منه كعدمه، ولو أنفق بدون أمره لا يرجع بذلك على أحد، كذا ههنا، وقد ذكرنا فيما تقدم أن مكتري الحمار إذا أمر غيره أن ينفق على الحمار المكترى الذي بقي في الطريق ففعل، إن كان المأمور يعلم أن الحمار لغير الأمر فهو متطوع، لا يرجع بما أنفق علي أحد، إلا أن يكون الأمر ضمن له النفقة، وإن كان لا يعلم أن الحمار لغير الآمر فليس بمتطوع، فكذا في مسألة البناء، في الوقف بأمر الآجر يجب أن يكون الجواب على ذلك التفصيل.

مريض أجر داره من رجل بدون أجر المثل، يعتبر من جميع المال؛ لأن حق الورثة لا يتعلق بالمنافع، وما لا يتعلق به حق الورثة، فالمريض والصحيح فيه على السواء.

استأجر حانوتاً موقوفاً على الفقراء وأراد أن يبني عليه غرفة من ماله، وينتفع بها من غير أن يزيد في أجره، فحينئذ يبني على مقدار ما لا يخاف على البناء القديم من ضرر، وإن كان هذا حانوتاً يكون معطلاً في أكثر الأوقات، وإنما رغب فيه المستأجر لأجل البناء عليه، فإنه يطلق له في ذلك من غير زيادة في الأجر؛ لأن فيه مصلحة الوقف.

رجل استأجر حجرة من أوقاف المسجد، ويكسر فيها الحطب بالقدوم، والجيران لا يرضون بذلك، والمتولي يرضى به، فإن كان في ذلك ضرر بين بالحجرة مثل القصارة والحدادة، والمتولي يجد من يستأجرها بذلك الأجر، فعليه أن يمنعه من ذلك، فإن لم يمنع أخرجه من الحجرة، وأجرها من غيره، وإن كان غيره لا يستأجر بتلك الأجرة، فالقيم يتركها في يده، إلا إذا خاف تلف بناء الوقف من ذلك العمل.

وفي «فتاوي الفضلى» : متولي الوقف أجر ضيعة الوقف من رجل سنين، ثم مات الآجر، ثم مات المستأجر قبل انقضاء المدة، ودفع المستأجر غلة الضيعة، فإن كانت الغلة زرعا زرعها الورثة ببذرهم كانت الغلة لهم، وعليهم ما نقصت الزراعة الأرض، تصرف ذلك إلى مصالح أرض الوقف لا حق للموقوف عليهم الأرض في ذلك، لأن هذا النقصان إنما وجب لنقصان في عين الأرض، وهو الموقوف عليهم في منفعة الأرض لا في عينها، وإنما وجب نقصان الأرض دون الأجر؛ لأن الإجارة قد انفسخت بالموت، وصارت الورثة بالزراعة بعد ذلك غاصبين، فوجب النقصان دون الأجر لهذا.

وفي «النوازل» ساحة (64أ4) بين يدي حانوت لرجل في الشارع، فأجرها من رجل يبيع الفاكهة كل شهر بدرهم، فما يأخذ من الأجرة فهو للعاقد؛ لأنه غاصب، وفي الغضب الأجرة للعاقد.v

قال الفقيه أبو الليث: هذا إذا كان ثمة بناء أو دكان؛ لأن بذلك يصير غاصباً، أما بدونه لا يصير غاصباً؛ لأن غصب العقار عندهما لا يتحقق، وعندي أن الصحيح هو الأول، لأن عندهما الغصب إنما لا يتحقق في العقار في حق حكم الضمان، لا فيما وراء ذلك يتحقق، ألا ترى أن في حق الرد يتحقق، فكذا في حق استحقاق الأجرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015