على بيعه، فأعانه، ثم طلب منه الأجر، فإن العبرة في ذلك لعادة أهل السوق، فإن كان عادتهم أنهم يعملون بأجر يجب أجر المثل، وإن كان عادتهم أنهم يعملون بغير أجر فلا شيء له.

رجل قال لخياط: خط هذا الثوب لأعطيك أجرك، فقال الخياط: لا أريد الأجر، ثم خاطه فلا أجر له.

ولو أن صباغين أجر أحدهما آلة عمله من الآخر، ثم اشتركا في ذلك العمل، إن كان أجر كل شهر بكذا يجب الأجر في الشهر الأول، ولا يجب فيما بعده شيء، لأن الإجارة في الشهر الأول، وقعت صحيحة، وإنما ينعقد في كل شهر بعده بدخول ذلك الشهر، والشركة سبقت بأول الشهر الأول؛ فمنعت انعقادها فلا يجب أجر ما سوى الشهر الأول من هذا الوجه، وإن أجرها عشر سنين مثلاً، كل شهر بكذا، وجب أجر كل المدة؛ لأن الإجارة انعقدت على كل المدة في الحال، فلا يبطلها الشركة بعد ذلك، وإذا استأجر رجلاً ليبني له في هذه الساحة بيتين ذي سقفين أو ذي سقف واحد، وبيّن طوله وعرضه، وما أشبه ذلك وفارسيته، شكر درادن، ذكر في «فتاوي أبي الليث» : أنه لا يجوز، وينبغي أن يجوز إذا كان بآلات المستأجر للتعامل.

وفي «مجموع النوازل» : رجل دفع إلى سراج بعض آلات السرج، وأمره أن يتخذ له سرجاً بهذه الآلات، وبآلات أخرى يحتاج إليها من عند نفسه، على أن يدفع إليه أجر عمله وثمن آلاته، ودفع إليه عشرة دراهم، فلما أتم السرج، استولى على السرج بعض الظلمة وذهب به، قال: يسترد من السراج قيمة آلاته، وما دفع إليه من الأجر؛ لأن العمل لم يصر سلماً إليه، ولم يصر المستأجر قابضاً آلات السرج، باتصاله بآلاته؛ لأنه يمكن تمييزها من غير ضرر، وهذه الإجارة فاسدة؛ لأنه لا يعامل في السرج بخلاف القلنسوة والخف، لأن فيهما تعاملاً.

ومثل شمس الإسلام الأوزحندي رحمه الله عمن دفع إلى طبيب جارية مريضة، وقال له: عالجها بمالك فما يزداد من قيمتها بسبب الصحة، فالزيادة لك، ففعل الطبيب ذلك، وبرأت الجارية، فللطبيب على المالك أجر مثل المعالجة، وثمن الأدوية والنفقة، وليس له سوى ذلك.

وسئل أيضاً عمن قال لطيان أصلح هذا الخراب بعشرة، فلما شرع في العمارة ازداد الخراب فأصلح الكل فلا شيء له سوى العشرة. وسئل هو أيضاً: رجل استأجر رجلاً شهراً، قال: لا يدخل يوم الجمعة في العقد بحكم العرف.

وفي «مجموع النوازل» : معلم طلب من الصبيان ثمن الحصير، وصرف البعض إلى حاجة نفسه، أو اشترى به الحصير، واستعمله في الكتب زماناً، ثم رفعه وجعله في بيته، هل يسعه ذلك قال: نعم؛ لأن هذا في الحقيقة تمليك من آباء الصبيان للمعلمين وفيه أيضاً: دفع الرجل ولده الصغير إلى أستاذ ليعلمه حرفة كذا، في أربع سنين، وشرط على الأب أنه لو حبسه قبل أربع سنين، فللأستاذ عليه مائة درهم فحبسه بعد ثلاث سنين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015