حمله منه، وكذا في كل ما له حمل ومؤنة.
رجل استأجر من آخر كرماً إجارة طويلة، وقبضها وأجرها من غيره مقاطعة كل ستة أشهر، ببدل معلوم فلما رآه المستأجر الثاني، وجد الأشجار قد احترق من البرد ولم يجد أجره ليرده عليه، حتى جاء أيام الفسخ وحضر آجره وفسخ الإجارة، وطلب مال المقاطعة، وأبى المستأجر الثاني، واعتل بعلة أن الأشجار محترقة، سمع علته وسقط عنه مال المقاطعة إذا لم يعمل في الكرم عملاً يدل على الرضا، ولو كان آخذه حاضراً حتى أمكنه الرد ولم يرد لا يسقط مال المقاطعة، وعلى هذا إذا أجر داره وأراد المستأجر ردها بخيار رؤية، أو بخيار عيب، إن لم يمكنه الرد بأن كان المؤاجر غائباً، كان له الرد إذا حضر المؤاجر، ولا يجب الأجر إذا لم يكن عمل في الدار عملاً يدل على الرضا، وإذا وجب الأجر على المستأجر مالاً بالقرض أو نحوه، فقال المستأجر للآجر: احسب هذا من مال الإجارة وفارسيته فرورواز مال إجارت فقال الأجر: فرور فتم فقد قيل: ينفسخ الإجارة بقدره.
استأجر رجلاً ليذهب محمولاته إلى موضع كذا بكذا فلما سار نصف الطريق بدا للحمال أن يذهب فترك الحمولة على المستأجر ثمَّ وطلب نصف الأجر، قال: له ذلك إذا كان الباقي من الطريق مثل الأول في السهولة، هكذا ذكر في الفتاوي. وقد ذكرنا في فصل الاستصناع أن العبرة في قسمة الأجر بقدر المراحل للسهولة والصعوبة، فيتأمل عند الفتوى.
قال في «الأصل» : ولو أن رجلاً دفع إلى صباغ ثوباً ليصبغه بعصفر بربع الهاشمي بدرهم فصبغه بقفيز، فهذا على وجهين أما إن صدقه رب الثوب في ذلك فصاحب الثوب بالخيار، إن شك ترك الثوب عليه وضمنه قيمة الثوب، وقد ذكرنا وجه ذلك فيما تقدم، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه ما زاد العصفر فيه مع الأجر، ولم يذكر أنه أراد به المسمى (63أ4) أو أجر المثل قال بعضهم: أراد به أجر المثل. وقال بعضهم: أراد به المسمى. من قال بأنه يعطيه أجر المثل، تقول بأن العمل وإن لم يصر معيناً من حيث الحقيقة بالزيادة، بل الزيادة تزيده جوده، لكن من حيث الحكم صار معيناً، لما كان لا يتوصل إليه إلا بزيادة عزم، ولهذا ثبت له الخيار كما لو يكن في العمل عيب من حيث الحقيقة، ولو يكن في العمل به عيب من حيث الحقيقة بأن خالف في صفة المأمور به، كان الجواب على ما عرف من الخلاف بين المشايخ، فكذلك هذا،
وقال بعضهم: بأنه أراد به المسمى لأنه لا عيب في العمل المأمور به من حيث الحقيقة، فإنه أتى بما أمر به وزيادة، فالزيادة تزيده جودة، وإذا لم يتمكن في القدر المأمور به عيب من حيث الحقيقة، لا يكون له عطاء أجر المثل، لأن أجر المثل إنما يعطيه في مثل ذلك الموضع ليدفع عن نفسه ضرر العيب، ثم قال: يعطيه ما زاد العصفر في قيمة الثوب، يريد به ما زاد العصفر في قيمة الثوب من الثلاثة الأرباع، لا قيمة ما زاد القفيز فيه؛ لأنه ضمن للربع بدلاً، وهو الآجر فلا يضمن مرة أخرى، ثم إنما يعرف قيمة