المستقرض والثاني، وذلك لأن رب البيت ما عقد عقد الصرف مع المستقرض، إنما أقرضه الآخر الذي له على الثاني، وعقد المصارف إنما جرت بين المستقرض والثاني، ثم قال وهذا كله قول أبي يوسف وهو قول محمد، فأما على قوله الآخر فإنه لا يجوز، وقد ذكرنا هذا في أول الكتاب.

قال: ولو كان رب البيت أقرضه الدراهم على أن يرد عليه ديناراً بعشرة دراهم فإنه لا يجوز لأن بجوازه قرضاً غير ممكن؛ لأن القرض يكون مضموناً لجنسه، فإذا شرط جنساً آخر فقد شرط ما لا يقتضيه القرض فكان قرضاً فاسداً، ولا وجه إلى أن جوزنا مصارفه، لأنهما صرف مشبه، فيكون باطلاً.

قال: فإن أحاله على هذا الوجه بالدراهم الأجر على الثاني، يريد به أنه أحاله على الثاني ليأخذ الأجر منه ليعطيه ديناراً. فقال: فقاصه الثاني بالدينار، الذي له على المستقرض وأخذ بالبعض حوائجه قائماً لرب البيت على المستقرض عشرون درهماً تأويله، إذا وجب أجر هذين الشهرين حتى صار الصرف عندهم جميعاً، وصار المستقرض مستقرضاً عشرين درهماً من الثاني بالمقاصة، فيكون لرب البيت على المستقرض ما اقتضى من الثاني وذلك عشرون درهماً ولا يكون عليه دينار، كما شرط عليه لأن اشتراط الدينار اشتراط باطل لأنه صرف مشبه.

قال: ولو أن هذا الثاني لم يكن وجب عليه أجر هذين الشهرين ولكن رجل استقرض من رب البيت أجر هذين الشهرين، فأمر هذا الثاني أن يعطيه إياه وأن يعجل له، وطابت نفس الثاني بذلك، فأعطى الرجل دقيقاً أو زيتاً أو ديناراً بعشرة، ثم مات رب البيت قبل أن يسكن الثاني شيئاً من هذين الشهرين أو انهدم البيت، فإن الثاني لا يرجع على الرجل بعشرين درهماً فرضاً عليه، وذلك لما ذكرنا أن المستقرض صار وكيلاً عنه بالقبض أولاً، حتى يصح القرض ثم لنفسه فإذا قبض ناب قبضه مناب قبضين، فصار قابضاً له أولاً ثم لنفسه بحكم القرض، وإذا صار قابضاً للأمر صار كأن الأمر قبض بنفسه ثم أقرضه ولو أن صاحب البيت قبض العشرين بيده، ثم أقرضه من المستقرض ثم انفسخت الإجارة لم يكن للثاني أن يرجع على المستقرض بشيء، وإنما يرجع على رب البيت، ثم رب البيت يرجع على المستقرض بحكم القرض فكذلك هذا، ثم يرجع بعشرين درهماً على رب البيت في قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد فأما على قول أبي يوسف الآخر ما كانت حصة الحوائج يرجع عليه بالدراهم، لأن الشراء قد صح فصار مقضياً للدراهم، فأما ما يخص الدينار فإنه لا يرجع على رب البيت بالدراهم ولكن يرجع على المستقرض فيأخذ منه الدينار؛ لأنه قبضه بحكم صرف فاسد.

وفي «فتاوى الفضلي» : رجل اكترى حماراً من كسر إلى بخارى فبقى الحمار في الطريق وصاحب الحمار ببخارى فأمر المستكري رجلاً حتى ينفق على الحمار في علفه كل يوم مقداراً معلوماً وقاطعه أجره إلى أن يقبض صاحب الحمار حماره، فأمسكه الأجير أياماً وأنفق عليه في علفه.

إن علم المأمور بالنفقة، أن الحمار لغير الآمر فهو متطوع، فما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015