وجه في اللون، فأما في أصل الصبغ موافق، فيكون مخالفاً من وجه موافقاً من وجه، فيجب أن لا يحكم عليه بالخلاف العام، ولا يحصل كأنه صبغ بغير عقد، فأوجب أجر المثل في مسألة الصبغ حتى لا يلغو اعتبار العقد والتسمية، فيكون في إيجاب أجر مثل عمله قيمة العمل، وقيمة الصبغ؛ لأن أجر مثل عمله أن ينظر أنه بكم يستأجر لهذا والصبغ من عنده بخلاف مسألة النعل، لأنا وإن أوجبنا قيمة ما زاد النعل فيه، ولم يوجب أجر مثل عمله في حرز النعل لا يقع التسوية بين حالة الغصب وحالة، العقد حتى يلغو اعتبار العقد؛ لأن الواجب حالة الغصب في مسألة النعل قيمة النعل مزايلاً لا قيمة ما زاد النعل فيه كمن غصب ساحة وأدخلها في بناية، يضمن قيمة ساحته مزايلاً لا قيمة ما زاد الساحة في بنائة، فكذلك ههنا.q
فإن قيل: إن كان إيجاب أجر المثل في مسألة الصبغ لتقع التفرقة بين حالة العقد، وحالة الغصب حتى لا يلغو اعتبار العقد، ولا يصير الصباغ كالعامل بغير عقد وأجر أصلاً، كان يجب أن يوجب أجر عمله في الصبغ من غير أن يكون الصبغ من عنده، وقيمة الصبغ مزايلاً كما اعتبره في مسألة النعل: إذا أنعله بما لا ينعل به الخفاف، فالمفارقة تقع بهذا الطريق بين حالة الغصب، وحالة العقد.
والجواب عنه: أن المفارقة بين الغصب والعقد تقع بهذا الطريق، إلا أنه غير ممكن اعتبار هذا الوجه في مسألة الصبغ لأنا لو أوجبنا قيمة العمل على حدة، وقيمة الصبغ مزايلاً احتجنا إلى تقويم الصبغ مزايلاً حال ما يتصل بالثوب، ولا يمكن تقويمه في ذلك الوقت، لأنه مخلوط بالماء حال ما يتصل بالثوب، فلا يمكن تقويمه؛ لأن قيمة الصبغ تتفاوت بتفاوت الماء ولا يعرف قدر الماء، فقد تعذر اعتبار هذا الوجه للتفرقة بين حالة العقد، وبين حالة الغصب، فلم يبق للتفرقة وجه إيجاب أجر المثل في مسألة الصبغ، بخلاف مسألة النعل؛ لأن تقويمه مزايلاً ممكن حال ما يتصل بالخف، فمتى أوجبنا أجر عمله على حدة أمكننا إيجاب قيمة النعل مزايلاً فبالوجهين جميعاً تقع التفرقة بين حالة الغصب والعقد في مسألة النعل، فذكر الوجهين جميعاً ثمة، ولم يذكر في الصبغ إلا وجهاً واحداً، وهو إيجاب أجر المثل؛ لأن التفرقة بين حالة الغصب وحالة العقد لا تقع إلا به.
ثم أوجب محمد رحمه الله أجر مثل عمله متى اختار أخذ الخف، ولم يوجب المسمى، وهذا على قول من يقول بإيجاب المسمى في مثل هذه المسائل متى رضي بالعيب واختار أخذ الخف محمول على ما إذا اختار أخذ الخف ولم يرض بالعيب. وفي مثل هذه الحالة يجب أجر المثل على قول هذا القائل، وعلى قول من قال بإيجاب أجر المثل على كل حال متى خالف لا يحتاج إلى هذا التأويل.
ولو أن رجلاً دفع خفه إلى رجل لينعله من عنده بأجر مسمى فأنعله بنعل تنعل بمثله الخفاف، فهو جائز عليه، وإن لم يكن جيداً ولا خيار له؛ لأنه وافق شرطه من حيث العرف، ولو وافق شرطه من حيث الشرط، بأن سماه نعلاً موصوفاً، فأتى بذلك لم يكن له خيار، فكذا إذا وافق شرطه من حيث العرف فقد وافق شرطه عرفاً لما نعله بنعل تنعل