وقال: فيمن استأجر داراً وشرط على المستأجر أن يسكن هو بنفسه، ولا يسكن معه غيره أن الإجارة جائزة، وللمؤاجر في هذا الشرط فائدة؛ لأنه متى يسكن معه غيره يمتلئ هو المخرج والوضوء أسرع مما يمتلئ لو سكن هو وحده، ومع هذا جوز العقد في هذه الصورة، ولم يجوزه في الصورة الأولى.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في «شرحه» : لا بد من التأويل إذ لا يجئ بينهما فرق، نقول: تأويل الصورة الثانية أنه لم يكن في الدار بئر بالوعة، ولا بئر وضوء، ومتى لم يكن فيها البئر فلا منفعة للمؤاجر في هذا الشرط، لأنه لا يتضرر بإسكان غيره إذا كانت الحالة هذه؛ لأن ما يجتمع على ظاهر الدار فإخراج ذلك على المستأجر، وكثرة السكان لا يوهن البناء ولا يفسده.

وتأويل الصورة الأولى، أنه كان في الدار بئر وضوء وبئر بالوعة، وإذا كان كذلك كان لرب الدار في هذا الشرط نوع منفعة، وإنه شرط لا يقتضيه العقد، فأوجب فسادها ثم إذا فسدت الإجارة في هذه الصورة الأولى فسكن فيها المستأجر، فعليه أجر المثل بالغاً ما بلغ.f

رجل تكارى من رجل داراً كل شهر بعشرة، على أن ينزلها هو بنفسه وأهله، على أن يعمر الدار ويرمم ما كان فيها من خراب، ويعطي أجر حارسها، وما يأتيها من يأتيه من جهة سلطان أو غيره فالإجارة فاسدة؛ لأنه جعل بعض الأجر مجهولاً جهالة توقعهما في المنازعة المانعة من التسليم والتسلم؛ لأنه متى لم توجد الثانية ولم يخرب شيء من الدار حتى لم يحتج إلى المرمة لا يدري بأي قدر يعطيه وجهالة الأجر وإن قلت توجب فساد الإجارة، قالوا: وهذا الجواب صحيح في العمارة والثوابت؛ لأن العمارة والثوابت على رب الدار، وإنها مجهولة في نفسها فصار هو بهذا الشرط شارطاً لنفسه شيئاً مجهولاً.

فأما أجر الحارس فهو على الساكن فلا يكون بهذا الشرط شارطاً لنفسه شيئاً مجهولاً، فلا يفسد العقد، فإن لم يسكنها فلا أجر عليه؛ لأن الإجارة فاسدة، والأجر في الفاسد من الإجارات لا يستحق إلا باستيفاء المنفعة، وإن سكنها فله أجر مثلها بالغاً ما بلغ يجاوز بها المسمى المعلوم.

والأصل: أن العقد إذا فسد مع كون المسمى كله معلوماً بمعنى أجر المثل، ولا يزاد على المسمى حتى أن المسمى إذا كان خمسة وأجر المثل عشرة يجب خمسة لا غير؛ وهذا لأن المنافع عندنا غير متقومة بنفسها، وإنما ثبت لها حكم المتقوم بالعقد، وقد قوماها بالعقد بقدر التسمية، وأمكن اعتبار التسمية إذا كان المسمى معلوماً كله، فما زاد عليها تبقى غير متقومة على ما كانت الأصل.

وإذا فسد العقد لجهالة المسمى أو لعدم المسمى يجب أجر المثل بالغاً ما بلغ، حتى أن المسمى، إذا كان خمسة وأجر المثل عشرة يجب عشرة؛ لأنه لا يمكن تقويم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015