الحمام كالجواب في الدار وما ذكر في الحمام محمول على ما إذا لم يكن الحمام معداً للكراء والإنسان قد يبني الحمام للكراء، وقد يبني لحاجة نفسه ثم يؤاجره شهراً معارض أمر، وعلى هذا الاعتبار لا تكون مسألة الحمام مخالفة لمسألة الدار.
وفي «الفتاوى» : خانٌ فيه نزل رجل يكون نزوله بأجر، ولا يصدق أنه سكن بغير أجر وهذا بناء على أن الخان غالباً يكون معداً للكراء فسكناه يكون رضا بالأجر وبه كان يفتي محمد بن سلمه وأبو نصر بن سلام والفقيه أبو بكر والفقيه أبو الليث.
وكان نصر رحمه الله يقول: لا يجب الأجر بنزوله إلا أن يتقاصا عليه صاحب الخان فإذا تقاصاه وأجابه ولم يخرج الآن يجب الأجر ولكن من حين نزل؛ لأن إجابته بعد التقاصي دليل على أن سكناه كان بأجر.
وبعض مشايخ زماننا قالوا: الفتوى على لزوم الأجر؛ لأن الظاهر السكنى بأجر فيجب اعتبار هذا الظاهر إلا إذا عرف بخلافه بأن صرح بأن نزل بطريق الغصب أو كان الساكن معروفاً بالظلم والغصب مشهوراً بالنزول في مساكن الناس لا بطريق الإجارة فلا يجب الأجر وذكر بعد هذا ما يخالف هذا القول فقال: رجل له حوانيت مشعلة، جاء إنسان وسكن في واحد منها يلزمه أجر المثل ولو قال: كنت غاصباً لا يصدق؛ لأنه ادعى بخلاف الظاهر فهو كمن دخل الحمام من غير أن يصرح له صاحب الحمام بالأذن، وقال: دخلت على وجه الغصب لا يصدق.
وفي «الفتاوى» أيضاً: مقصرة يعمل فيها القصارون ولرجل فيها أحجار يؤاجرها منهم جاء قصار وعمل فيها ولم يشارط صاحب الأحجار بشيء، فإن لم يكن المعروف عندهم أن من شاغل عليها وأدى الأجر فلا أجر عليه إذا (21ب4) عمل بغير إذن رب الأحجار؛ لأنه لم يوجد العقد لا صربحاً ولا دلالة، وإن كان المعروف عندهم أن من شاء عمل عليها وأدى الأجر فعليه الأجر؛ لأن المعروف كالمشروط، ثم إن كان لهذا الحجر أجرة معروفة فيما بينهم يجب ذلك، وإلا يجب أجر المثل.
وفي «المنتقى» : عن محمد صاحب الدار إذا قال للغاصب هذا داري فاخرج منها فإن نزلتها فهي عليك بكذا فجحدها الغاصب، ثم أقام المالك عليه البينة بعد أشهر فلا أجر؛ لأن النازل لم يزل جاحداً ومع الجحود لا يمكن القول بانعقاد الإجارة ولو كان مقراً بالدار للمدعي، والباقي بحاله كأن سكناه رضا بالإجارة ويجب الأجر؛ لأن المالك أجر منه إجارة مضافة وهو قد قبلها دلالة.
وفيه أيضاً: اكترى داراً منه بألف درهم، فلما انقضت: السنة قال رب الدار: إن فرغتها اليوم وإلا فهي عليك كل شهر بألف درهم، فإنما يجعل في قدر ما ينقل متاعه منها بأجر المثل، فإن فرغها إلى ذلك الوقت وإلا جعلناها بعد ذلك بما قال المالك لأنه قبل ذلك دلالة.
وفي «إجارات النوازل» : رجل استأجر حانوتاً كل شهر بثلاثة دراهم مثلاً، فلما مضى شهران قال له صاحب الحانوت: إن رضيت كل شهر بخمسة دراهم وإلا فأفرغ