والأصل فيه: أن ما يصلح أن يكون ثمناً في البياعات يصلح أن يكون أجرة في الإجارات، وما لا يصلح أن يكون ثمناً في البياعات لا يصلح أجرة في الإجارات إلا المنفعة فإنها تصلح أجرة إذا اختلف الجنس ولا تصلح ثمناً، وإنما اعتبرنا الإجارة بالبيع لأن الإجارة بيع كسائر البياعات إلا أن سائر البياعات ترد على العين والإجارة ترد على المنفعة.

وإنما وقع الفرق بينهما في المنفعة، لأن الثمن يجب أن يكون مملوكاً بنفس البيع إذا لم يكن فيه خيار، والمنفعة لا تصير مملوكة بنفس العقد، لأنها معدومة أما الأجرة فليس من شرطها أن تملك بنفس العقد وكانت الإجارة كالنكاح فإن المنفعة تصلح مهراً في النكاح؛ إذ ليس من شرط المهر أن يملك بنفس العقد، فإن تسمية عبد الغير مهراً صحيح.

ومما يتصل بهذا الفصل

بيان ما يصلح أجرة وما لا يصلح، إذا أضاف العقد إلى وقت في المستقبل بأن قال: أجرتك داري هذه غداً وما أشبهه، وأنه جائز بناء على الأصل الذي ذكرنا أن الإجارة تنعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة، فالعقد في حق الحكم كالمضاف إلى وجود المنفعة فمبنى الإجارة في حق الحكم على الإضافة كيف تكون الإضافة مانعة صحة الإجارة، فلو أراد نقضها قبل مجيء ذلك الوقت، وعن محمد روايتان في رواية قال: لا يصح النقض، وفي رواية قال: يصح.

وجه هذه الرواية: أنه لم يثبت للمستأجر حق في هذا العقد إليه غير منعقد أصلاً، ولهذا لا يملك الأجرة بالتعجيل في هذه الإجارة.

وجه الرواية الأولى: أن العقد قد انعقد فيما بين المتعاقدين، وإن لم ينعقد في حق الحكم فالآجر بالنقص يريد إبطال العقد المنعقد حقاً للمستأجر فلا يقدر على ذلك، وعلى هذه الرواية يملك الأجرة بالتعجيل في هذه الإجارة، وكذلك إذا أراد الآجر بيع الدار قبل مجيء ذلك الوقت فيه روايتان، في رواية تنفذ إجارته ويبطل المضاف، وفي رواية قال: لا تنفذ كما في البيع كذا ذكره الطحاوي.

وفي «فتاوى أبي الليث» : رحمه الله إذا قال لغيره: إذا جاء رأس الشهر فقد أجرتك هذه الدار، إذا جاء غد فقد أجرتك هذه الدار يجوز وإن كان فيه تعليقاً، وإذا قال: إذا جاء رأس الشهر فقد فاسختك هذه الإجارة لا يجوز.

الفصل الثاني: في بيان أنه متى يجب الأجر

قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» : في رجل استأجر بيتاً شهراً بدرهم، قال: كلما سكن يوماً أخذ من الأجر بحساب ذلك، وكذلك الكراة إلى مكة، وكذلك في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015