الحال.
وإن كان أجر الدار والمقصورة جميعاً من رجل، ثم أراد أن يفتح للدار باباً في المقصورة لا يمنع؛ لأن الساكن في هذه الصورة واحد وهو المستأجر لأنه لا يبقى للآخر حق المرور فلا يزداد الشريك في طريق المقصورة.
دار بين رجلين اقتسماها بينهما وفيها طريق لغيرهما، فأراد صاحب الطريق أن يمنعهما عن القسمة ليس له ذلك لأن الطريق إن كان محدوداً فهما إنما يقسمان ما وراء ذلك، وذلك حقهما على الخصوص، وإن لم يكن مقداره معلوماً يترك للطريق قدر عرض باب العظمى إلى باب منزل صاحب الطريق، ويقسمان ما وراء ذلك ولاحقّ لصاحب الطريق فيما وراء ذلك.
ولو أراد بعضهم قسمة هذا الطريق وأبى البعض لا يقسم، لأن هذه القسمة تتضمن تفويت منفعة الطريق، وهو التطرق وإن باعوا هذه الدار وهذا الطريق برضاهم فالثمن يقسم بينهم أثلاثاً، ثلثاه لصاحبي الطريق وثلثه لصاحب الممر يريد به حصة الطريق من الثمن؛ لأن الثمن بدل الطريق، والطريق بينهم أثلاثاً إذا لم يعلم مقدار الأنصباء فيه فيكون ثمنه بينهم أثلاثاً أيضاً هكذا ذكر في «الأصل» .
وهذا الجواب ظاهر فيما إذا كان رقبة الطريق مشتركة بينهم، فأما إذا كان رقبة الطريق مشتركاً بين الشريكين، ولصاحب الطريق حق المرور لا غير، كان أبو الحسن الكرخي رحمه الله يقول: الثمن لهما وقد سقط حق صاحب الاختيار، لأنه حق لا يجوز الاعتياض عنه ولهذا لا يجوز بيعه، فلما أذن في البيع أسقط حقه، وهذا إشارة إلى الرواية التي لا يجوز فيها بيع حق المرور على الانفراد.
وذكر شيخ الإسلام رحمه الله في شرح هذا الكتاب: أن الثمن بينهما أثلاثاً وإن كان لصاحب الطريق حق المرور، قال: لأن حق المرور وإن كان منفعة حقيقة فقد أعطي له حكم العين ولذلك جاز بيعه، ولو كان عيناً على الحقيقة كان الثمن بينهما أثلاثاً كذا هاهنا، وهذا إشارة إلى الرواية التي يجوز بيع حق المرور فيها بانفراده.
وروي عن محمد في هذه الصورة: أن كل واحد من شريكي الطريق بحصته والبقعة وصاحب الطريق مضرب بحق الاستطراق.
وطريق معرفة ذلك: أن ينظر إلى قيمة البقعة والطريق فيها وينظر إلى قيمتها وفيها طريق فيضرب صاحب الطريق بفضل القيمة فيما بين ذلك، ويضرب واحد من شريكي الطريق بنصف قيمة البقعة إذا كان فيها طريق. وإذا كانت الدار فيها طريق لرجل وطريق لآخر من ناحية أخرى، أراد أهل الدار قسمتها ومنعهم أهل الطريق، فإنه يترك لهما طريق واحد كما لو كان الحق لواحد، لأن الطريق إنما يرفع للمرور، والطريق الواحد يكفي لهما للمرور وصار هذا وما لو كان حق المرور للواحد سواء. والله تعالى أعلم بالصواب.