كان من حساب فهو على الرؤوس في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله وفي قولهما على الأنصباء، وإذا طلب أحد الشريكين القسمة وأبى الآخر فأمر القاضي قاسمه ليقسم بينهما، روى الحسن عن أبي حنيفة أن الأجرة على الطالب لأن القسمة واقعة للطالب، وعلى الآبي لأن الطالب إنما يطلب القسمة عادة لمنفعة له فيها، والممتنع إنما يمتنع عنها عادة لضرر يخافه، وقال أبو يوسف: الأجر عليهما.

في «المنتقى» : إبراهيم عن محمد رحمه الله: قاسم قسم داراً بين اثنين، وأعطى أحدهما أكثر من الآخر غلطاً، وبنى بعضهم في نصيبه قال: يستقبلون القسمة فمن وقع بناءه في قسم غيره رفع بناءه ولا يرجعون على القاسم بقيمة البناء، ولكن يرجعون عليه بالأجر الذي أخذ.

وفيه أيضاً هشام عن محمد: أرض بين رجلين بناها أحدهما فقال الآخر للباني: ارفع بناءك عنها، قال: يقسم الأرض بينهما فما وقع من البناء في نصيب غيره يرفع.

وذكر شيخ الإسلام في شرح كتاب القسمة في أجرة أحد الشريكين إذا بنى في أرض مشتركة بغير إذن شريكه فلشريكه أن ينقص بناءه لأن له ولاية النقض في نصيبه والتمييز غير ممكن.

وفيه أيضاً: عبدان بين رجلين غاب أحد الرجلين فجاء أجنبي إلى الشريك الحاضر، وقال: قاسمني هذين العبدين على فلان الغائب فإنه سيجيز قسمتي فقاسمه الحاضر وأخذ الحاضر عبداً وأخذ الأجنبي عبداً، ثم قدم الغائب وأجاز القسمة ثم مات العبد في يد الأجنبي فالقسمة جائزة، وقبض الأجنبي له جائز ولا ضمان عليه فيه، وإن مات قبل الإجازة بطلت القسمة وللغائب نصف العبد الباقي، فهو بالخيار في تضمين حقه من العبد الميت، إن شاء ضمن الذي مات في يده وإن شاء ضمن شريكه، وإنما ضمن لا يرجع على الآخر بما ضمن.

قال في «نوادر ابن رستم» في المتقاسمين: إذا ميز نصيب أحدهما بالقسمة وفيه شجر أغصانها مطلة على قسم الآخر فله أن يطالبه بقطع الأغصان، رواه عن محمد، وروى ابن سماعة عنه أنه ليس له ذلك لأن الذي أصابه الشجر استحق الشجرة بجميع أغصانها.

قال في «الأصل» : وإذا أصاب الرجل في القسمة ساحة لا بناء فيها وأصاب الآخر البناء فأراد صاحب الساحة أن يبني ساحته ويرفع بناءه فقال صاحب البناء: إنك تسد علي الريح والشمس فلا أدعك ترفع بناءك فلصاحب الساحة أن يرفع بناءه ما بدا له، وليس لصاحب البناء أن يمنعه من ذلك، وقال نصر بن يحيى وأبو القاسم الصفار: لصاحب البناء أن يمنعه من ذلك، والوجه بظاهر الرواية أن صاحب البناء كان ينتفع بهواء ملك صاحب الساحة قبل البناء فصاحب الحائط إذا سد الهواء بالبناء فإنما حقه من الانتفاع يملكه ولم يتلف عليه ملكاً ولا منفعة ملك، ولا يمنع من ذلك.

فصار كما لو كان لرجل شجرة يستظل بها جاره أراد قلعها لا يمنع منه، وإن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015