منهما نقض المهايأة بعذر وبغير عذر، ولو كانت مبادلة من وجه لما جازت من غير ذكر بيان المدة، والأول أصحّ؛ لأن العارية ما يكون بغير عوض، وهذا بعوض؛ لأن كل واحد منهما ما يترك من المنفعة من نصيبه على صاحبه في ثوبه صاحبه إنما يترك بشرط أن يترك صاحبه نصيبه عليه في ثوبه، وإنما لم يحرم النساء؛ لأن القياس لا يحرم بأحد وصفي علة ربا النقد؛ لأن الدين مع العين يستويان في العدد إلا أن للعين فضلاً من حيث الجودة؛ لأن العين أفضل من الدين وأجود منه إلا أن الفضل من حيث الجودة لا يحرم عند وجود وصفي علة الربا، وهو القدر مع الجنس، فلأن لا يحرم عند وجود أحد وصفي علة ربا أولى، إلا أننا أثبتنا هذه الحرمة عند أحد وصفي علة ربا النقد، وهو القدر أو الجنس بالنص بخلاف القياس، والنص ورد فيما هو مبادلة من كل وجه، وهو البيع والمهايأة إقرار من وجه مبادلة من وجه فيعمل فيها بقضية القياس.

وقوله: بأن لكل واحد منهما بعض المهايأة بعذر وبغير عذر سنبين الوجه فيه بعد ذلك إن شاء الله تعالى.

وقوله: بأن المهايأة تجوز من غير بيان المدة، قلنا: إنما جازت لأنها قسمة المنافع، فتكون معتبرة بقسمة العين، ثم قسمة العين جائزة من غير بيان المدة فكذا قسمة المنفعة.

قال أبو حنيفة رحمه الله: دار بين رجلين تهايأ على أن يسكن هذا منزلاً معلوماً، وهذا منزلاً معلوماً، وعلى أن يؤاجر (11أ4) كل واحد منهما منزله، ونأكل عليه فهو جائز كذا ذكر في بعض الروايات، وذكر في بعضها أو على أن يواجه كل واحد منهما منزله فعلى الرواية الأولى هذه مهايأة في السكنى والاستغلال جميعاً من حيث المكان.

وبيان أنهما إذا تهايأ في السكنى، ولم يشترطا الإجارة أن كل واحد منهما لا يملك إجارة منزله؛ إذ لو ملك كل واحد منهما ذلك لم يكن لاشتراط الإجارة بيع السكنى معنى، وإلى هذا ذهب أبو علي الشاسي، وكان الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي يقول: ظاهر المذهب أن كل واحد منهما يملك إجارة منزله، وإن لم يشرطا الإجارة وقت المهايأة.

وعلى الرواية الثانية تكون هذه مهايأة، إما في السكنى أو في الاستغلال من حيث المكان، وبيان أن المهايأة في الاستغلال تجوز حالة الانفراد مقصوداً كما تجوز تبعاً لمهايأة في السكنى، وإنما ملك كل واحد منهما إجارة منزله من غير الشرط في ظاهر المذهب على ما ذكره شمس الأئمة رحمه الله؛ لأن المهايأة قسمة المنفعة فما يصيب كل واحد منهما من المنفعة يجعل مستحقاً له باعتبار قديم ملكه؛ لأن المنفعة جنس واحد لا يتفاوت بمنزلة قسمة المكيل والموزون، وهو يملك الاعتياض عن المنفعة المملوكة لا من جهة غير، شرط ذلك أو لم يشترط.

وله أن يقسم العين ويبطل المهايأة إذا بدا لهما أو لأحدهما؛ لأن الأصل فيما هو المقصود وهو تمييز الملك قسمة العين والمهايأة خلف عنه، ألا ترى أن في الابتداء لو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015