جائز، وكذلك لو كانت سهاماً مسماة من هذه الدار، وسهاماً مسماة من تلك الدار، فاقتسما على أن لهذا ما في هذه الدار من السهام، ولهذا الآخر ما في هذه الدار الأخرى من السهام جاز؛ لأن البيع على هذا الوجه جائز.

ولو كانت مئة ذراع، وهذه الدار ومئة ذراع أو أكثر من الدار الأخرى فاقتسما على أن لهذا ما في هذه الدار من الذرعان، ولهذا ما في هذه الدار الأخرى لا يجوز عند أبي حنيفة؛ لأن البيع على هذا الوجه لا يجوز عند أبي حنيفة، عرف في كتاب البيوع أن بيع مئة ذراع من الدار لا يجوز، فكذا لا تجوز القسمة على هذا؛ لأنها في معنى البيع.

وإذا كانت الدار بين رجلين ميراثاً أو شراء فاقتسما على أن أحد كل واحد منهما طائفة على أن زاد أحدهما للآخر دارهم مسماة فهو جائز.

واعلم بأن ما يصلح ثمناً في باب البيع يصلح زيادة في القسمة، فالدارهم والدنانير تصلح عوض في باب البيع، حالّة كانت أو مؤجلة فتصلح زيادة في القسمة، والمكيل والموزون يصلح ثمناً في باب البيع، إن كان ثمناً وكان موصوفاً سواء كان حالاً أو مؤجلاً فتصلح زيادة في القسمة تكون على هذا الوجه.

وإن كان عيناً ولم يشترط فيه الأجل يصلح ثمناً في باب البيع، وإن شرط فيه الأجل لا يصلح ثمناً في باب البيع، فالزيادة في القسمة تكون على هذا الوجه أيضاً، وبيان مكان الإيفاء شرط عند أبي حنيفة إذا كانت الزيادة شيئاً لها حمل ومؤنة عند أبي حنيفة، وعندهما بيان مكان الإيفاء ليس بشرط ويسلم عند الدار.

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : عقيب هذه المسائل: وهذا والسلم في القياس سواء لكني استحسن في هذا، قال بعض مشايخنا رحمهم الله: القياس والاستحسان ينصرف إلى فصل الأجل.

يعني القياس: أن لا يجوز شرط المكيل والموزون زيادة في القسمة بغير أجل كما في السلم إلا أنه في الاستحسان يجوز، وهذا هو القياس والاستحسان الذي ذكرنا في كتاب البيوع، إذا اشترى شيئاً بمكيل أو موزون في الذمة حالاً فالقياس أن لا يجوز كما لو اشتراه بالثياب، وفي الاستحسان يجوز كما لو اشترى بالدراهم.

قال جماعة منهم: القياس والاستحسان على قول أبي حنيفة خاصة، يعني: القياس أن لا تجوز القسمة متى ترك بيان مكان الإيفاء فيما له حمل ومؤنة على قول أبي حنيفة رحمه الله القياس أن لا يجوز، وفي الاستحسان يجوز.

ووجه ذلك: أن مكان الإيفاء في القسمة مشروط دلالة، وهو عند الدار مقتضى وجوب القسمة؛ لأن موجب القسمة المعادلة بين الأنصباء ما أمكن، وقد وجب تسليم النصيبين في الدار فيجب تسليم البدل في الدار أيضاً، بخلاف فعل السلم والإجارة؛ لأن موضع العقد لم يتعين مكاناً للإيفاء ثمة لإيفاء، ولا مقتضى يوجب عقد السلم؛ إذ ليس بشيء (4ب4) عقد السلم على المعلق له ألا ترى أن أحد البدلين في السلم يسلم حالاً والآخر يسلم في الثاني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015