وقول محمد رحمه الله في «الكتاب» : أن على قول أبي يوسف يحسب العلو بالنصف والسفل بالنصف، فذلك في مسألة أخرى، فقد ذكرنا في هذه المسألة أن على قول أبي يوسف يجعل ذراع من السفل بذراع من العلو.
وصورة تلك المسألة: سفل مفرد لا علو له، وعلو مفرد لا سفل له،. وبيت كامل له سفل وعلو، وكل ذلك مشترك بين رجلين طلبا القسمة.
فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: القاضي يحسب ذراعاً من البيت الكامل بثلاثة أذرع من العلو المفرد، ليكون ذراعان من العلو المفرد بإزاء ذراع من سفل البيت الكامل، والذراع الثالث من العلو المفرد بإزاء ذراع من علو البيت الكامل، ويحسب ذراع من البيت الكامل بذراع ونصف من السفل المفرد، ليكون ذراعاً من سفل البيت الكامل بإزاء ذراع من السفل المفرد، وذراعاً من علو البيت الكامل بإزاء نصف ذراع من السفل المفرد.
وعلى قول أبي يوسف: يذرع السفل المفرد والعلو المفرد والبيت الكامل، فإن كان البيت الكامل عشرين ذراعاً، والعلو المفرد كذلك، والسفل المفرد كذلك كان جملة ذرعان السفل المفرد والعلو المفرد أربعون، يجعل الأربعون من العلو المفرد والسفل المفرد عشرون.
فهو معنى قوله: يحسب العلو بالنصف والسفل بالنصف، وإنما فعل هكذا لتقع المعادلة بين البيت الكامل، وبين العلو المفرد والسفل المفرد، فإن العلو والسفل عنده سواء فعشرون ذراعاً من البيت الكامل بمنزلة أربعين ذراعاً، عشرون منها سفل وعشرون علو. وعلى قول محمد تعتبر القيمة في ذلك كله قال الكرخي: وعليه الفتوى.
فإن قيل: كيف يقسم العلو مع السفل، والبيت الكامل قسمه واحدة عند أبي حنيفة رحمه الله، ومن مذهبه أن البيوت المتفرقة لا تقسم قسمة واحدة على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله.
قلنا: تأويل المسألة وجهان: الأول: أن يكون الكل في دار واحدة والبنيان في دار واحدة يقسمان قسمة واحدة، متلازقين كانا أو متفرقين، فكذا السفل والعل.
الثاني: أن يكون الكل في دور مختلفة، ولكن تراضوا على ذلك إلا أنهم طلبوا المعادلة من القاضي فيما بينهم، وعند أبي حنيفة تجوز القسمة حالة التراضي من الشركاء. وإذا كانت الدور من قوم ميراث، فإن أراد أحدهم أن يجمع نصيبه منها في دار واحدة وأبى الآخر، قال أبو حنيفة رحمه الله: القاضي لا يجمع نصيب كل واحد منهم في دار على حدة، بل يقسم كل دار بينهم على حدة إلا أن يتراضوا على ذلك، سواء كانت الدار متلازقة أو متفرقة، وسواء كانت الدور في محلة واحدة أو محلتين، في مصر واحد أو في مصرين.
وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كانت الدور في مصر واحد، فالرأي في ذلك إلى القاضي، إن رأى الصلاح في أن يجمع نصيب كل واحد منهم في دار على حدة، بأن