الشفعة بقيمة ذلك الحق الذي ادعى؛ لأن المأخوذ منه وهو المدعي يزعم أنه ملك الدار بدلاً عما هو مال، فيكون مقراً للشفيع بالشفعة، فيؤاخذ بإقراره في حقه.

فإن اختلفا في قيمة ذلك الحق فالقول قول المدعي وهو المأخوذ منه الدار؛ لأن الحاصل اختلافهما في مقدار الثمن، وإن أقاما البينة على قيمته.

ذكر ههنا أن البينة بينة الشفيع عند أبي حنيفة إذا اشترى الرجل داراً بألف درهم وقبضها ونقد الثمن، ثم جاء الشفيع، فقال المشتري: قد أحدثت فيها هذا البناء، وكذبه الشفيع وقال: كان هذا البناء فيه، فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأنه ينكر ثبوت حق الشفعة في البناء، وإن أقاما البينة فالبينة بينة الشفيع؛ لأنه أشبه بالمدعين؛ لأنه يخير بين أن يدعي وبين أن يترك، فهذا هو أحد المدعي، والبينات في الأصل شرعت حجة للمدعين فمن كان أشبه بالمدعين كانت بينته أولى (175أ3) بالقبول.

وإذا اشترى أرضاً فجاء الشفيع يأخذها بالشفعة وفيها أشجار ونخيل، فقال المشتري: أحدثت الأشجار والنخيل فيها، وقال الشفيع: اشتريتها مع هذه الأشجار والنخيل، فإن كان من وقت الأخذ بالشفعة مدة لا يمكن إحداث مثل هذه الأشجار، فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأنه لم يثبت كذب ما قاله المشتري في هذه الصورة، بخلاف الصورة الأولى إذا قال المشتري للشفيع: اشتريت الدار أو قال: الأرض بخمسمائة، ثم اشتريت البناء بخمسمائة فلا شفعة للشفيع في البناء، وقال الشفيع: لا بل اشتريتهما معاً، فالقول قول الشفيع مع يمينه على علمه استحساناً يحلف بالله ما يعلم أنه اشتراهما بعقدين؛ لأن المشتري أقر بالسبب المثبت لحق الشفيع في الأرض والبناء، وهو الشراء وبدعوى تفرق الصفقة ادعى سقوط حق الشفيع في البناء.

ولو قال المشتري: باعني الأرض بغير بناء، ثم وهب لي البناء أو قال: وهب لي البناء ثم باعني الأرض، وقال الشفيع: لا بل اشتريتهما، فالقول قول المشتري في هذه ما أقر بالسبب المثبت لحق الشفيع في البناء، بل أنكر حقه ولا كذلك الصورة الأولى، وكذلك إذا قال المشتري: وهب لي هذا البيت بطريقه إلى باب الدار وباعني الباقي من الدار بألف درهم، وقال الشفيع: لا بل اشتريت كلها، فالقول قول المشتري في البيت لإ نكاره سبب ثبوت حق الشفعة في البيت، ويأخذ الشفيع الدار كلها غير البيت.

وطريقه: إن شاء؛ لأن المشتري أقر بسبب ثبوت حق الشفيع فيما سوى البيت وطريقه وادعى لنفسه حق التقدم عليه بالشركة في الحقوق، فلا يثبت ما ادعى من غير حجة.

وإن أقر بهبة البيت للمشتري وادعى المشتري أن الهبة كانت قبل الشراء فلا شفعة للجار؛ ولأنه شريك في الحقوق وقت الشراء الثاني، والجار يقول: لا بل كان الشراء قبل الهبة ولي الشفعة فيما اشتريت، فالقول قول الشفيع؛ لأن العقدين قد ظهرا وقد جهل التاريخ، فيجعل كأنهما وقعا معاً.

ولو وقعا معاً كانت الشفعة للجار؛ لأن شريك المشتري في الحقوق بعد الشراء؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015