على البائع هو المذهب عند علمائنا رحمهم الله، ومعنى انتقاض البيع فيما بين البائع والمشتري الانتقاض في حق الإضافة إليه كان قول البائع للمشتري: بعت هذه الدار اتحاد البيع، وقوله منك إضافة إليه، وإذا أخذها الشفيع بالشفعة تقدم على المشتري، فصار ذلك البيع مضافاً إلى الشفيع بعد أن كان مضافاً إلى المشتري، وانتقضت الإضافة إلى المشتري.

ونظيره في المحسوسات من رمى سهماً إلى رجل، فتقدم عليه غيره وأصابه السهم، فالرمي في نفسه لم ينقطع، ولكن التوجيه إلى الأول قد انقطع بتخلل هذا الثاني.

وروى أبو سليمان عن أبي يوسف رحمه الله: أن المشتري إن كان نقد الثمن ولم يقبض الدار حتى قضى القاضي للشفيع بحضرتهما، فإنه يقبض الدار من البائع، وينقد الثمن للمشتري، وعهدته على المشتري، وإن كان لم ينقد الثمن دفع الشفيع الثمن إلى البائع وعهدته على البائع، فلو أن الشفيع في هذه الصورة وجد بالدار عيباً فردها على البائع أو على المشتري بقضاء القاضي، فأراد أن يأخذها بشرائه، وأراد البائع أن يردها على المشتري بحكم ذلك الشراء، فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها وإن شاء تركها.

قال: من قبل القضاء الذي حدث للشفيع فيها، فإن أخذ الشفيع الدار من المشتري وأراد أن يكتب كتاباً على المشتري ليكون وثيقة للشفيع على المشترى له ذلك، ويحكى في الكتاب شراء المشتري أولاً ثم يرتب عليه الأخذ بالشفعة؛ لأن الشفعة إنما تثبت فيما ملك بجهة الشراء، فيحكى شراء المشتري أولاً ثم يرتب عليه الأخذ بالشفعة؛ لأن الشفعة إلي حتى لا ينكر المشتري ملكه من جهة بائعه بالشراء يوماً من الدهر، ويأخذ الشفيع من المشتري كتاب شرائه الذي كتب على بائعه، وإن أبى المشتري أن يدفع ذلك إليه فله ذلك؛ لأن الكاغده عنده ملك المشتري، ولكن ينبغي للشفيع أن يحتاط لنفسه، فيشهد قوماً على تسليم المشتري الدار إليه بالشفعة.

وإن كان الشفيع أخذ الدار من البائع يكتب كتاباً على البائع على نحو ما يكتب لواحده من المشتري، ويكتب في هذا الكتاب إقرار المشتري أنه سلم جميع ما في هذا الكتاب وأجازه وإقراره لاحق له في هذا الدار ولا في ثمنه.

وإذا وقع الشراء بسبب بثمن مؤجل إلى سنة مثلاً، فحضر الشفيع ويطلب الشفعة وأراد أخذها إلى ذلك الأجل، فليس له ذلك إلا برضا المأخوذ منه، إما أن ينقذ الثمن حالاً ويصبر حتى يحل الأجل، فإن نقد الثمن حالاً، وكان الآخذ من المشتري يبقى الأجل في حق المشتري على حاله حتى لا يكون للبائع ولاية مطالبة المشتري قبل محل الأجل، وإن صبر حتى حل الأجل فهو على شفعته، وهذا كله إذا كان الأجل معلوماً.

فأما إذا كان مجهولاً نحو الحصاد والدياس وأشباه ذلك، فقال الشفيع: أنا أعجل الثمن وآخذها لم يكن له ذلك؛ لأن الشراء بالأجل المجهول فاسد، وحق الشفيع لا يثبت في الشراء الفاسد.

في «المنتقى» : دار بيعت ولها شفيعان جاران، وأحدهما غائب، فخاصم الحاضر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015