كأن الأول باع ما اشتراه، وإنه لا يوجب بطلان ملكه فيما أخذ بالشفعة بقضاء القاضي للأول شفعاء في نصيب الأول، الثاني والثالث أيضاً شفيع فيه، فقضى بينهما، فأما قبل قضاء القاضي بذلك نصيب الثاني لم يصر ملكاً للمشتري الأول، بل له حق أن بتملكه بما اشتراه، فإذا أخذ الثالث ما اشتراه الأول فقد زال ملك الأول وحقوقه، فلا يستحق به الشفعة.

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : الشركاء في النهر الصغير كل من كان له ثبوت أحق من الجار الملازق.

وإن كان نهراً كبيراً تجري فيه السفن، فالشفعة للجار الملازق في باب شفعة الأرضين من شفعة «الكافي» قال الشيخ الإمام الزاهد عبد الواحد الشيباني رحمه الله: أراد بالسفن البسماريات التي هي أصغر السفن، وذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» المذهب عند أبي حنيفة رحمه الله: أن النهر الكبير الذي تجري فيه السقف كدجلة والفرات، فكل ما تجري فيه السفن من الأنهار يكون في معنى الدجلة والفرات، وما لا تجري فيه السفن يكون في حكم النهر الصغير.

وذكر شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله: أن المشايخ اختلفوا في حد النهر الكبير والصغير بعضهم قالوا النهر الكبير: ما يتفرق ماؤه بين الشركاء، وله منفذ إلى المفاوز التي هي لجماعة المسلمين، والنهر الصغير: ما يتفرق ماؤه بين الشركاء ولا يبقى إذا انتهى ولا يكون له منفذ.

وعامة المشايخ: على أن الشركاء على النهر إذا كانوا لا يحصون فهذا نهر كبير، وإن كانوا يحصون فهذا نهر صغير، لكن اختلفوا بعد هذا في حد ما يحصى وما لا يحصى، بعضهم قدر ما لا يحصى بخمسمائة، وبعضهم قدر ما لا يحصى بمائة، وبعضهم قدر ما لا يحصى بأربعين، وبعضهم قدر ما لا يحصى بعشرة.

وبعض مشايخنا قالوا: صح ما قيل فيه إنه مفوض إلى رأي كل مجتهد في زمانهم إن رآهم كثيراً كانوا كثيراً، وإن رآهم قليلاً كانوا قليلاً.

ثم إن عامة المشايخ فرقوا بين النهر والسكة، حيث جعلوا الشركة في النهر إذا كان بين أقوام يحصون خاصة، وإن كان النهر ينفذ في مفاوز هي لجماعة المسلمين ولم يجعلوا الشركة في الطريق الذي له منفذ إلى طريق العامة شركة خاصة، وإن كان أهل السكة مما يحصون.

نهر خاص لرجل في أرض رجل، وعليه رحى ماء لصاحب النهر باع صاحب النهر النهر مع الرحى فالصاحب الأرض أن يأخذ النهر (167أ3) مع الرحى بالشفعة، وإن لم يكن له اتصال بالرحى؛ لأن الرحى مع النهر كشيء واحد؛ إذ الانتفاع بالرحى بدون النهر لا يمكن، فجاز النهر يكون جاز الرحى.

قال: وجميع جيران النهر في الشفعة في النهر والرحى على السواء، ولا يختص الملازق للرحى بالرحى ذكره شيخ الإسلام في «شرحه» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015