زال المانع من وجوب الشفعة، فيأخذها الشفيع بقيمتها وينقص بناء المشتري لحق الشفيع.
قال القدوري: فإن بائع المشتري ما اشتراه شراء فاسداً بيعاً صحيحاً من رجل لم يكن للبائع نقض البيع، والشفيع بالخيار إن شاء أخذ بالبيع الثاني بالثمن المذكور فيه، وإن شاء نقض البيع الثاني وأخذه بالبيع الأول بقيمته؛ لأنه اجتمع سببان، فكان له أن يأخذ بأيهما شاء.
فإن قيل: إذا نقض البيع الثاني صار كأن لم يكن، فيعود حق البائع في النقض، فلا يكون للشفيع الشفعة كما قبل البيع الثاني.
قلنا: البيع الثاني ينتقض لحق الشفيع مقتضى يملكه المشتري بالشفعة بالبيع السابق، فلا يثبت الانتقاض على وجه يبطل به حق الشفيع.
إذا أوصى لرجل بدار ولم يعلم الموصى له حتى بيعت دار بجنبها، ثم قبل الوصية وادعى الشفعة، فلا شفعة له؛ لأنه لا يملك الدار وقت (البيع) فلم يتحقق السبب، وإن مات الموصى له قبل أن يعلم بالوصية بيعت دار بجنبها، فادعى الورثة شفعتها فلهم ذلك؛ لأن موت الموصى له بمنزلة قبوله، والمسألة (164ب3) معروفة في الوصايا.
وإذا بيع سفل عقار دون علوه، أو بيع علوه دون سفله أو بيعا معاً وجبت الشفعة.
في «الزيادات» : سفل لرجل آخر فباع صاحب السفل سفله، فلصاحب العلو الشفعة، وإن باع صاحب العلو علوه، فلصاحب العلو الشفعة، فبعد ذلك إن كان طريق العلو في السفل كان حق الشفعة بسبب الشركة في الطريق، وإن كان الطريق في السكة العظمى كان حق الشفعة بسبب الجوار؛ إذ الجوار إنما يعرف بالاتصال، والاتصال بين الملكين ثابت، فإن لم يأخذ صاحب العلو السفل بالشفعة حتى انهدم العلو، فعلى قول أبي يوسف: تبطل شفعته، وعلى قول محمد: لا تبطل.
فوجه قول أبي يوسف: أن الشفعة هاهنا إنما تثبت بالجوار إنما يعرف بالاتصال وقد زال الاتصال قبل قبض الأخذ بالشفعة، فزال الجوار فتبطل شفعته، كما لو باع الدار التي يستحق بها الشفعة قبل الأخذ بالشفعة.
وجه قول محمد: أن استحقاق الأخذ بالشفعة هاهنا بسبب قرار البناء، لا بسبب عين البناء؛ لأن البناء منقول والشفعة لا تستحق بالمنقول وحق القرار هاهنا باق فما يستحق به الشفعة باق.
ولو بيع السفل والعلو متهدم فعلى قول أبي يوسف رحمه الله: لا شفعة لصاحب العلو بناء على أن عنده حق الشفعة له بسبب البناء، وعلى قول محمد: له الشفعة؛ لأن عنده حق الشفعة له بسبب قرار البناء لا بسبب نفس البناء، وحق قرار العلو باق في الباب الأول.
من شفعة «المنتقى» : رجلان اشتريا داراً، وأخذها شفيعها فلا شفعة للشفيع فيما صار للأجنبي منهما؛ لأن شراء الأجنبي لم يتم إلا بقبول الشفيع البيع لنفسه، ألا ترى أن