أنها سواء بسواء، فهذا جائز، ولو لم يصدق كل واحد منهما صاحبه وتفرقا ثم وزنا فكانا سواء لم يجز من قبل أنهما قد تفرقا على غير علم بأنهما استوفياه.

ألا ترى أن رجلاً لو باع رجلاً دراهم في كيس بدراهم في كيس، فإن وزناها قبل أن يتفرقا فكانا سواء، فالبيع جائز، وإن تفرقا قبل أن يزناها فالبيع فاسد.

إذا اشترى ديناراً بعشرة دراهم ثم باعها بربح درهم لا يجوز، ولو باعها بربح قيراط جاز، ذهب رجل باع من رجل ثوباً ونقرة فضة بخمسين درهماً على أن النقرة ثلاثون، فإذا هي خمسون، فإنه يقطع له من النقرة ثلاثون، فإن كان مكانها إناء أو قلب، فإن علم بوزنه قبل أن يتفرقا فالمشتري بالخيار إن شاء أعطاه عشرين درهماً أخرى، وإذا كانا قد افترقا كان شريكه في القلب، وللمشتري ثلاثة أخماسه.

بشر عن أبي يوسف: رجل باع سيفاً محلى من رجلين بمائة درهم، وحلية السيف خمسون درهماً فقبض من أحدهما خمسة وعشرين بغير إذن شريكه ثم افترقا، فإن هذا النقد من الناقد وينقد خمسة وعشرون درهماً أخرى، ويكون له نصف السيف، وانتقض البيع في حصة الآخر، وهذا قول أبي يوسف.

وأما في قول أبي حنيفة رحمه الله: فالنقد عنهما جميعاً وفسد البيع كله، ويرجع الناقد على البائع بما أعطاه، وإن شاء رجع على شريكه بنصفه ثم اتبعا البائع بخمسة وعشرين.

وإذا اشترى الرجل من الرجل ألف درهم بمائة دينار وصدق كل واحد منهما صاحبه في الوزن وتقابضا وتفرقا قبل أن يتوازنا فالبيع فاسد، وقد ذكر قبل هذا قول أبي يوسف.

في عين هذه الصورة: أنهما إذا تفرقا وكل واحد منهما مصدق لصاحبه ثم توازنا فهو جائز.

وإذا أقرض الرجل رجلاً ألف درهم وأخذ بها كفيلاً ثم إن الكفيل صالح الطلب على عشرة دنانير وقبضها، فهو جائز؛ لأن الكفيل قائم مقام الأصيل، والأصيل لو صالح عن الألف الدرهم على عشرة دنانير جاز إذا قبض الدنانير في المجلس، فكذا إذا صالح الكفيل، ويرجع الكفيل على الأصيل بالدراهم؛ لأن الكفيل ملك ما في ذمته بالصلح.

ولو ملك ما في ذمته بالأداء أو بالهبة رجع به على الأصيل، فكذا إذا ملكه بالصلح.

ولو أن الكفيل صالحه على مائة درهم لم يرجع على الأصيل إلا بمائة درهم، وإنما كان كذلك؛ لأن هذا الصلح في معنى إبراء الكفيل عما زاد على المائة، ولو أبرأ الكفيل عن الكل لا يجب على الأصيل شيء، فكذا إذا أبرأه عما زاد على المائة.

فإن قيل: إذا كان إبراء الكفيل عما زاد على التسعمائة، وإبراء الكفيل لا يجب براءة الأصيل كأن يجب أن يكون للطالب حق الرجوع على الأصيل بتسعمئة كما لو قبض من الكفيل مائة، وقال له: أبرأتك عن التسعمائة وليس ذلك بالإجماع.

قلنا: البراءة عن التسعمائة إنما تثبت من حيث إن الصلح يجوز بدون الحق، وفي التجوز بدون الحق معنى استيفاء البعض، والإبراء عن الباقي، فيجعل هذا كالمنصوص عليه كأنه قال: تجوزت بدون الحق، وإنما يقع التجوز بدون الحق إذا برئ الأصيل عما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015