ولو كان الثمن دنانيراً فتفرقا والمسألة بحالها فالبيع جائز، كأنه باع قلب فضة بدينار على أنه عشرة دراهم، فإذا هو عشرون درهماً باع من أخر قلب فضة فيه عشرون درهماً بدينار على أنها فضة فاستهلكه فضة سوداء، ولم يعلم به المشتري ثم علم لم يرجع بشيء.
رجل له على رجل ألف درهم غلة فأخذها تسعمائة وضح وديناراً، ثم افترقا فاستحق الدينار، فإنه يرجع على الغريم بمائة درهم غلة، وإن استحق الدينار قبل أن يتفرقا يرجع بدينار ومثله، وكذلك الجواب فيما إذا كان مكان الدينار مائة مائة فلس.
ولو أن رجلاً باع صيرفاً ألف درهم غلة تسعمائة وضح وبمائة فلس وتقابضا، ثم استحقت الألف الغلة من يدي الصيرفي رجع الصيرفي على الذي اشترى منه الغلة بالتسعمائة الوضح الذي أعطاه، فرجع عليه بمائة درهم غلة ثمن الفلس الذي أعطاه، وإن لم يتفرقا حتى استحقت الغلة رجع الصيرفي على الرجل بألف غلة مثلها، وإن لم يستحق شيء من ذلك حتى افترقا، ثم استحقت المائة الفلس من الرجل رجع على الصيرفي بمائة فلس مثلها، وإن لم يستحق الفلوس، ولكن استحقت التسعمائة الوضح بعدما افترقا رجع على الصيرفي بتسعمائة غلة ثمن الوضح، ويرجع عليه بمائة فلس بدل الذي استحق.
وإن استحق ما في يد الرجل من الوضح والفلوس واستحق ما في يد الصيرفي من الغلة، فإن كان بعدما افترقا فقد انتقض البيع بينهما في جميع الدراهم والفلوس، وإن كانا لم يفترقا يرجع كل واحد منهما على صاحبه بمثل ما استحق من يده، والبيع تام.
ابن سماعة عن أبي يوسف: أن الرد بالعيب بعد القبض لا يبطل الصرف، وكذلك الرد بخيار الرؤية، والرد بالعيب قبل القبض بمنزلة موت العبد قبل أن يقبضه، وأما في الرد بخيار الشرط بعد القبض يرجع بالدنانير التي أعطاه بدل الألف درهم الثمن.
وفي كتاب الصرف: إذا اشترى ألف درهم بعينها بمائة دينار والدراهم بيض، فأراد المشتري الدراهم أن يتبرع على بائعه بالجودة وإلى بائعه تبرعه فله ذلك. قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهو نظير ما لو أبرأه عن شيء من المقر له ورد من عليه إبراءه كان له ذلك.
قال رحمه الله أيضاً: وهو نظير ما ذكر في «الجامع» : إذا كان لرجل على رجل ألف درهم فأتاه بألف جياد وأبى صاحب الدين أن يقبل ذلك لا يجبر عليه، وإن أتى بجنس حقه وزيادة؛ لأنه تبرع عليه فكان له أن لا يقبل تبرعه ومنه فكذا هاهنا.
قال: وكذلك لو اشترى منه ضرباً من الدنانير وقال للبائع: أعطني دنانير غيرها لم يكن له ذلك وإن كان ما طلب دون حقه إلا أن يرضى الآخر دون حقه.
وفي «المنتقى» : وللذي عليه السود أن يؤدي بيضاً هو مثل السود أو أجود منه، ويجبر من له على القبول، وكذا من عليه البيض إذا أدى سوداً مثله يجبر على القبول عند علماءنا الثلاثة.
قال هشام: سمعت محمداً يقول في رجل له ابن صغير قال: اشهدو أني اشتريت