فإن فيه أن رسول الله جوّز الصرف بدين وجب قبل عقد الصرف، ومتى جاز الصرف بدين واجب عليه قبل عقد الصرف يصير قاضياً ببدل الصرف ديناً وجب عليه قبل عقد الصرف علمنا أن قضاء دين وجب قبل عقد الصرف ببدل الصرف جائز.

وإذا جاز هذا في الصرف المضاف إلى الدين فكذ (157أ3) في الصرف المرسل إلا أنه لم نجز هذه المقاصة قبل تراضيهما عليها، وإن لم يثبت فسخ ما عقد من الصرف على هذا الوجه؛ لأن جواز هذه المقاصة بحديث عبد الله بن عمر كخلاف القياس، والحديث يقتضي جواز حال وجود الرضا منهما؛ لأن الحديث ورد في الصرف المضاف إلى الدين، والصرف المضاف إلى الدين لا يصح إلا بتراضيهما، فحال عدم التراضي يعمل فيه بقضية القياس.

والقياس يأبى جواز هذه المقاصة بخلاف السلم على هذا الوجه؛ لأن جواز هذه المقاصة في السلم لو كان، كان بدلالة حديث عبد الله بن عمر لا بصريحه، وفي السلم صريح نص بخلافه، وهو قوله عليه السلام: «ولا تأخذ إلا سلمك أو رأس مالك» ، فكان العمل في السلم بصريح النص أولى.

المسألة الثالثة: رجل باع من أخر ديناراً بعشرة دراهم ودفع الدينار، ولم يقبض العشرة حتى وجب لمشتري الدينار عشرة دراهم على بائع الدينار، فأراد مشتري الدينار أن يحمل ما وجب له قصاصاً بما وجب عليه من بدل الصرف، ووصى به بائع الدينار، ولقب المسألة أن المتعارفان إذا تقاصّا بدل الصرف بدين وجب بعد عقد الصرف.

والجواب فيها: أن ينظر إن وجب هذا الدين بعد عقد الصرف بالغصب أو القرض بأن غصب أو استقرض بائع الدينار من مشتري الدينار عشرة دراهم وقصاصاً تقاصا أو لم يتقاصا؛ لأنه وجد بعد عقد الصرف قبض حقيقي وهو من جنس المستحق بعقد الصرف، وإنه قبض مضمون فيعتبر واقعاً بجهة الصرف.

ألا ترى أن مثل هذا في السلم يجوز حتى أن رب السلم إذا غصب من المسلم إليه بعد عقد السلم وبعد ما حل الأجل كراء هو مثل المسلم فيه أو استقرض كراء هو مثل المسلم فيه يصير قصاصاً أو لم يتقاصا، وكذلك المسلَّم إليه إذا غصب من رب السلم أو استقرض منه دراهم هي مثل رأس المال تقاصا أو لم يتقاصا.

وأما إذا وجب هذا الدين بعد عقد الدين عقد الصرف بسبب الشراء بأن باع مشتري الدينار من بائع الدينار ثوباً بعشرة دراهم إن لم يجعلاه قصاصاً لا يصير قصاصاً باتفاق الروايات.

وإن جعلاه قصاصاً ذكر في «الزيادات» وفي كتاب الصرف في رواية أبي سليمان: أنه يصير قصاصاً، وذكر في رواية أبي حفص: أنه لا يصير قصاصاً.

وجه ما ذكر في «الزيادات» وفي رواية أبي سليمان: أنهما لما أقدما على هذه المقاصة فقد أنشأ عقد الصرف على هذا الدين، ومن ضرورته انفساخ الصرف المرسل؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015