وقت أداء العصر والترتيب يسقط بالنسيان، فإن كان حين ما توضأت للظهر الدم سائل، فصلت الظهر والدم كذلك سائل ثم انقطع بعد ذلك، وسال في وقت المغرب لا تعيد الظهر؛ لأنه تبين أنها صلت الظهر بطهارة المعذورين والعذر قائم من أوله إلى آخره، وإنما زال العذر بعد الفراغ منها، وزوال العذر بعد الفراغ لا يوجب الإعادة، كالمتيمم إذا وجد الماء بعد الفراغ، والعاري إذا وجد الثوب بعد الفراغ.
وإذا استحيضت المرأة فدخل وقت العصر ودمها سائل، فتوضأت والدم كذلك سائل، فقامت تصلي العصر فلما صلت ركعتين من العصر غربت الشمس انتقضت طهارتها؛ لأن طهارتها وقعت للسيلان، لكون السيلان مقارناً لها، فتنتقض بخروج الوقت. فتتوضأ وتستأنف الصلاة، ولا تبني لما ذكرنا أن انتقاض الطهارة بخروج الوقت يستند إلى وقت السيلان السابق، فتبين من وجه أن الشروع في الصلاة كان مع الحدث، وجواز البناء عرف شرعاً بخلاف القياس في موضع كان الحدث طارئاً على الشروع من كل وجه فبينما عداه يبقى على أصل القياس.
ولو دخل وقت العصر ودمها سائل وانقطع، وتوضأت والدم كذلك منقطع، فلما صلت ركعتين من العصر غربت الشمس، فإنها تمضي على صلاتها ولا تعيد الوضوء، وإن سال الدم بعد ذلك في وقت المغرب وهي في العصر تعيد، فإنها تتوضأ وتبني على صلاتها.
طعن عيسى بن أبان رحمه الله فقال: ينبغي أن تعيد الوضوء ولا تمضي على صلاتها؛ لأن الطهارة ههنا وقعت للسيلان، لكون السيلان مقارناً لها حكماً؛ لأن الانقطاع لم يستوعب وقت صلاة كامل لما سال الدم في وقت المغرب، فلا يجعل فاصلاً بين الدمين كما قلتم في مسألة الطهر التي تقدم ذكرها، بل يجعل الدم المتوالي، فكان السيلان قائماً حكماً، فكانت الطهارة واقعة للسيلان فتنتقض بخروج الوقت، وإذا انتقضت بخروج الوقت يستند الانتقاض إلى الحدث، وتبين أن الشروع كان مع الحدث من وجه، فينبغي أن تستأنف الصلاة.
والجواب: أن السيلان منقطع حقيقة وقت الوضوء، إلا أن الانقطاع الناقص لا يجعل فاصلاً، ويجعل السيلان قائماً حكماً تخفيفاً عليها، كما في مسألة الظهر التي تقدم ذكرها، فإن هناك لو جعلنا الانقطاع الناقص فاصلاً تبقى مشغولة بالوضوء في كل الوقت، فلم يجعل فاصلاً، وجعل السيلان قائماً حكماً تخفيفاً عليها.
فأما ههنا لو لم يجعل الانقطاع الناقص فاصلاً، وجعلنا السيلان قائماً حكماً،