العشاء سورة سورة، ولم يقرأ بفاتحة الكتاب في الأخريين، يريد بقوله: لم يعد فاتحة الكتاب لم يقضها، وإن قرأ في الأولين بفاتحة الكتاب، ولم يقرأ بالسورة، قرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب والسورة وجهر، هذا هو لفظ «الجامع الصغير» .

واختلفت عبارة المشايخ في الفرق بعضهم قالوا: القراءة واجبة في الأوليين، فيحتاج إلى بيان كيفيتها، ينظر أنه هل يمكن القضاء بمثلها في الأخريين، فنقول: القراءة وجبت في الأوليين بصفة أن يفتتح بفاتحة، ويترتب عليها السورة، فإذا ترك الفاتحة في الأوليين، لا يمكن أن يقضيها كذلك.... الفاتحة في الركعتين الأخراوين مرّة واحدة، وإذا ترك السورة في الأوليين أمكنه القضاء؛ لأن الفاتحة مشروعة في الأخريين، فيقرأها، ويبني السورة عليها كما في الركعة الأولى، فيمكنه القضاء بالمثل، وبعضهم قالوا: الأخريين محل الفاتحة، فلم يتسع للقضاء، وليستا بمحل السورة فوسعتا للقضاء.

وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه لا يقضي السورة؛ لأنه عجز عن القضاء، لأن قراءة السورة غير مشروعة في الأخراوين، ألا ترى أنه لو ترك الفاتحة في الأوليين لا يقضيها في الأخريين، وإنما لا يقضيها لعجزه عن القضاء كذا هذا، فإن أراد أن يقرأ السورة وحدها في الأخريين، ويترك الفاتحة ويقول: كنت بالخيار قبل هذا في قراءة الفاتحة في الأخريين بين أن أقرأها، وبين أن أدع قراءتها، فأمضي على خياري، فلا أقرأها هل له ذلك لم يذكر هذا «في الكتاب» ، ومشايخنا فيه مختلفون منهم من قال: له أن لا يقرأ الفاتحة؛ لأنها لم تكتب عليه في الأخريين، وهو الأشبه بمذهب أصحابنا رحمهم الله، ومنهم من قال ليس له أن يترك الفاتحة هنا لتقع السورة بعد الفاتحة كما هو سنة القراءة في الصلاة، ثم قول محمد في «الجامع الصغير» .

وإن قرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب ولم يقرأ بالسورة قرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب والسورة مقتضى وجوب قضاء السورة وذكر هذه المسئلة في «الأصل» : وقال: إذا ترك السورة في الأوليين فأحب إلي إلى أن يقرأها في الأخريين نص على أن قضاء السورة في الأخريين بطريق الاستحباب، فصار في المسألة روايتان على رواية «الأصل» يستحب قصاء السورة، وعلى رواية «الجامع الصغير» يجب قضاء السورة، وقول محمد في «الجامع الصغير» قرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب والسورة وجَهَرَ يحتمل أنه أراد به الجهر بالسورة والفاتحة جميعاً، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله حتى لا تؤدى بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة، فإن ذلك غير مشروع ... الفاتحة تبعاً للسورة؛ لأنها سنّة والسورة واجبة، لكونها قضاء، فيكون على حسب الثواب واجبة والسنّة تبع الواجب، ومن حق السورة الجهر، فكذا ما هو تبع لها، وإلى هذا ذهب بعض مشايخنا رحمهم الله، ويحتمل أنه أراد بالجهر بالسورة دون الفاتحة، وإليه ذهب بعض المشايخ، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضاً؛ لأن الفاتحة أداء والسورة قضاء، والأداء يكون على حسب محله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015