حضر الموكل وادعى الرضا وأراد استرداد الجارية من يد البائع فله ذلك، ولو كان الوكيل بالشراء وكيلاً بالخصومة في العيب فادعى البائع أن المشتري رضي بهذا العيب فالوكيل رده بحضرة الموكل فيحلف.
نوع آخر منه
رجل اشترى من آخر عبداً وقبضه وباعه من رجل آخر، ثم إن المشتري الآخر وجد به عيباً ورده على المشتري الأول، فهذا على وجهين:
الأول: أن يكون الرد منه قبل القبض، وفي هذا الوجه للمشتري الأول أن يرده على البائع الأول سواء كان الرد بقضاء أو بغير قضاء (إن كان الرد بقضاء؛ فلأن) الرد قبل القبض فسخ للعقد من الأصل في حق الناس كافة، وإن كان بغير قضاء؛ لأنه تصرف دفع وامتناع من القبض وولاية الدفع عامة (107أ3) فظهر أمره في حق الكل، ولهذا لم يتوقف على قضاء القاضي.
وهذا المعنى يعم العقار والمنقول جميعاً.
ومعنى آخر يخصّ المنقول أن الرد بالعيب قبل القبض لايمكن أن يعتبر بيعاً جديداً أصلاً؛ لأن بيع المنقول قبل القبض لايجوز، فجعلناه فسخاً في حق الكل أصلاً، فصار كأنه لم يبع، فعلى هذا التعليل لايرد العقار عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن بيع العقار قبل القبض جائز، فأمكن أن يعتبر بيعاً جديداً في حق البائع الأول.
وهذا فصل اختلف فيه المشايخ واختلفت فيه الروايات: أن الرد بالعيب قبل القبض بغير قضاء في العقار هل يعتبر بيعاً جديداً في حق الثالث، ذكر في كتاب الشفعة أنه لايعتبر، قال شيخ الاسلام: ماذكر في كتاب الشفعة قول محمد، فإن بيع العقار قبل القبض عنده لايجوز، أما على قول أبي حنيفة يعتبر بيعاً جديداً؛ لأن عنده بيع العقار قبل القبض جائز، وبعض مشايخنا قالوا: ماذكر في الشفعة قول الكل فنقابل عند الفتوى.
و (الثاني) : إن كان الرد من المشتري الثاني بعد القبض، إن كان الرد برضا المشتري الآخر من غير قضاء، فالمشتري الأول لا يرده على بائعه؛ لأن الرد بالعيب بالتراضي فسخ في حق المتعاقدين عملاً باللفظ، وعقد جديد في حق الثالث عملاً بالمعنى، وهو التمليك والملك بالتراضي، والبائع الأول ثالثهما، فصار في حق البائع الأول كأن المشتري الأول اشتراه ثانياً، فلا يكون له حق الخصومة مع بائعه لافي الرد ولا في الرجوع بنقصان العيب.
وفي «القدوري» عن محمد فيمن اشترى ديناراً بدرهم وقبض الدينار وباعه من ثالث، ثم وجد المشتري الآخر به عيباً فرده على الأوسط بغير قضاء كان للأوسط أن يرده على الأول، لا يشبه هذا العروض، وقد مرت المسألة من قبل، وهذا إذا كان عيباً يحدث مثله، فأما إذا كان عيباً لايحدث مثله، فعلى رواية البيوع والإقرار يرد على بائعه، وعلى رواية «الجامعين» والمأذون والوكالة لايرد على بائعه.
وإن كان الرد بقضاء قاض فهو على ثلاثة أوجه: فإن كان الرد بالبينة كان للمشتري الأول أن يرد على بائعه إذا ثبت أن العيب كان عند بائعه؛ لأن الرد بالبينة فسخ في حق الثالث إذ ليس فيه معنى البيع وهو التمليك