على وجه لا يتغابن في مثله أنه يثبت له الخيار، وأدلة الكتب متعارضة ظاهر الجواب لا خيار له، وعن محمد فيمن اشترى صبرة حنطة فوجد في أسفله دكاناً فله الخيار، وإذا اشترى طعاماً في جفنه، ثم علم مقداره يثبت له الخيار وهو خيار التكشف وخيار الكتمة، قال الشيخ الإمام شمس الحلواني رحمه الله: كان القاضي يقول الفقيه عبد الله كان يفتي بثبوت الخيار للمشتري إذا صار مغبوناً، وكان يقول هب، كان في المسألة روايتان: يختار هذه الرواية رفقاً بالناس إذا كان الثمن عشرة مثلاً، فاصطلحا على أن يأخذ من الآخر الثوب بثمانية، وحط البائع الأول عن المشتري الأول درهماً جائز سواء كان قبل قبض الثمن أو بعده لما عرف، أن الحط بعد قبض الثمن صحيح.
اشترى ثوباً بعشرة وتقابضا وسلمه المشتري إلى قصار فقصره وجابه متخرقاً، فقال المشتري: لا أدري عند القصار تخرق أو كان به عند البائع، فاصطلحوا على أن يقبل المشتري الثوب ويرد القصار عليه درهماً فذلك جائز، وكذلك لو كان هذا الصلح على أن يقبله البائع منه، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: وهذا إشارة إلى أنه إذا صالحه على أن يعتله البائع، ويغرم له القصار درهماً، ويترك له المشتري درهماً أنه يجوز، قال مشايخنا: وهو غلط؛ لأن اشتراط ترك الدرهم على المشتري صحيح؛ لأن البائع جاحد للعيب، أما اشتراط الدرهم على القصار باطل؛ لأنه ما كان بينه وبين القصار سبب يستوجب به الضمان عليه، وفي زعمه أنه يملك الثوب ابتداء من جهة المشتري بعد ما تخرق في يد القصار، فاشتراط أخذ الدرهم منه عذراً لا أن يكون تأويله أن القصار يضمن الدرهم أولاً للمشتري، ثم المشتري يدفع ذلك إلى البائع ليقبل المبيع منه فحينئذٍ يجوز؛ لأنه يزعم أنه يملك المبيع ابتداء، وهذه الزيادة بدل ما تلف عند القصار فكان له أن يأخذ إذا رد جميع الثمن.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: تأويله أن يقع الصلح على أن يقبل البائع الثوب من المشتري، على أن يحط المشتري من البائع درهماً، ويأخذ المشتري من القصار درهماً ويعطيه المشتري أجرة.
وفي «فتاوى الفضلي» : اشترى من آخر جارية ووجد بها عيباً فاصطلحا على أن يدفع البائع كذا درهماً والجارية للمشتري فهو جائز؛ لأن هذا صلح عن العيب، وإن اصطلحا على أن يدفع المشتري ذلك الجارية للبائع لا يجوز؛ لأنه ربا إلا إذا باعه منه بأقل من الثمن الذي اشتراها منه بعد أن كان يقدر الثمن كله.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل اشترى من آخر عبداً ووجد به عيباً قبل أن يقبضه، وصالحه من العيب على عبد آخر وقبضهما المشتري، ثم استحق أحد العبدين رجع المشتري بحصة المستحق من الثمن أيهما كان، كأنه اشتراهما جميعاً، ولو قبض العبد المشتري، ثم وجد به عيباً فصالحه منه على عبد ودفع الثمن، ثم استحق العبد المشتري يبطل الصلح في العبد الثاني.
وفي «نوادر ابن سماعة» أيضاً عن أبي يوسف رحمه الله: رجل اشترى جارية ووجد بها عيباً قبل القبض أو بعده فصالحه البائع على جارية أخرى، ثم استحقت الجارية الأولى بطل الصلح.