من عرض عيباً على رجل، وقال: اشتر، فإنه ليس به عيب كذا فلم يتفق بينهما بيع، ثم وجد به عيباً لم يكن له أن يرده على بائعه بذلك العيب، وجعل قوله ليس به عيب، كذا إقرار بانتفاء ذلك العيب؛ لأن العمل بالحقيقة ههنا ممكن، فإن الإنسان يخلو عن عيب معين فكذا ههنا.h

والدليل على صحة ماقلنا ما ذكر في «الكتاب» : أن من اشترى من رجل عيناً، ثم أراد أن يرده بالعيب فشهد شاهدان على أن البائع يبرأ عن كل عيب به، ثم اشتراه أحد الشاهدين، ثم وجد به عيباً فأراد رده كان له ذلك، فلم يجعل الشهادة على البراءة عن كل عيب إقرار بالعيب، وبمثله لو شهدا على أن البائع يبرأ عن عيب كذا، ثم اشتراه أحد الشاهدين، ثم وجد به ذلك العيب لا يكون له حق الرد، وجعل الشهادة على البراءة عن عيب مخصوص إقراراً بوجود ذلك العيب، وعن أبي يوسف إذا أبرأه عن كل عيب دخل فيه العيوب والأدواء، ولو أبرأه عن كل داء دخل فيه السقم والمرض ولا يدخل فيه الكي، ولا أثر قرح قد برأ ولا الأصبع الزائدة.

والحاصل: أن الداء داخل في العيب غير داخل في الداء، ولو أبرأه من كل عاملة دخل فيه السرقة والفجور، ولا يدخل فيه الكية ولا أثر القروح ولا الدمل والثؤلول والأمراض، وعن أبي حنيفة: أن الداء المرض الذي في الجوف طحال أو كبد والعاملة السرقة والإباق والزنا.

نوع آخر في الضمان عن العيوب

وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف: اشترى من رجل عبداً وضمن له من رجل عيوبه فوجد به عيباً ورده فلا ضمان عليه في قياس قول أبي حنيفة، وهذا على العهدة وقال أبو يوسف: هو ضامن للعيوب هذا مثل ضمان الدرك والاستحقاق، وكذلك لو ضمن له رجل ضمان السرقة والعتاق فوجده حراً أو مسروقاً ضمن، وكذلك لو ضمن رجل العمى والجنون فوجده كذلك رجع على الضامن بالثمن، ولو مات عنده قبل أن يرده وقضى البائع بنقصان العيب كان للمشتري أن يرجع بذلك على الضامن ولو ضمن له بحصة مايجد عن العيوب فيه من الثمن فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، فإن رده المشتري رجع بجميع الثمن على الضامن بذلك، كما يرجع على البائع.

ابن سماعة عن أبي يوسف: لو اشترى رجل عبداً فقال له رجل: ضمنت لك عماه وكان أعمى فرده على البائع لم يرجع على ضامن العمى بشيء، ولو قال: إن كان أعمى فعليه حصة العمى من الثمن فرده بالعمى كان له أن يضمن حصة العمى.

ولو اشترى عبداً فوجد به عيباً فقال له رجل: ضمنت لك هذا العيب لم يلزمه شيء.

وفي «واقعات الناطفي» : لو قال المشتري للبائع أنت بريء من كل حق لي قبلك، دخل العيب تحت الإبراء هو المختار، ولا يدخل الدرك؛ لأن العيب حق له قبله للحال والدرك لا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015