وفيه أيضاً: إذا اشترى من آخر جارية، ثم ادعى أنها آبقة وأقام البينة على إباقها وردها القاضي بذلك أقام رجل بينة أنها أمته ولدت في ملكه وقضى القاضي له بالجارية، ثم باعها مأمونة فخاصمه المشتري في إباقها واحتج عليه بحكم الحاكم بالإباق فله أن يردها.
رجل اشترى عبداً فساومه رجل فيه فقال له المشتري: اشتره مني، فإنه ليس به عيب فلم يتفق بينهما بيع، ثم إن المشتري وجد بالعبد عيباً يحدث مثله فخاصم فيه البائع وأقام بينة أنه كان عند البائع وأقام البائع بينة أنه قال عند المساومة: اشتر مني، فإنه لا عيب به لا يلتفت إلى هذه البينة ويقضى بالرد على بائعه؛ لأن بإقالة المشتري كذب معين؛ لأن هذا نفي لكل العيوب والإنسان لا يخلو عن قليل العيب عادة، ومن العيوب بالآدمي ما لا يقف عليه غيره غالباً فيسقط اعتبار حقيقة هذا اللفظ حمل على المجازة هو ترويج السلعة. ولو قال للذي ساومه: اشتر فإنه ليس به عيب كذا فلم يتفق بينهما بيع، ثم إن المشتري ادعى ذلك العيب وأراد أن يرده على بائعه بذلك فليس له ذلك؛ لأن العمل بحقيقة ممكن؛ لأن الآدمي يخلو عن عيب واحد معين فكان ذلك منه إقرار في ذلك العيب فلا تسمع دعوى وجود ذلك العيب منه بعد ذلك.
ولو كان مكان العبد ثوباً وباقي المسألة بحالها، لا تسمع دعواه ولا يرده على بائعه في الوجهين جميعاً؛ لأنا لم نتيقن بكذبه؛ لأن عيوب الثوب مما يوقف عليه ولو كان العيب مما يحدث مثله أصلاً أو لا يحدث مثله في هذه المدة رد القاضي العبد على بائعه؛ لأنه صار مكذباً فيما أقر حقيقة، ولو صار مكذباً فيما أقر شرعاً ليس أنه يلتحق إقراره بالعدم كذا هنا.
نوع آخر منه
وإذا أصاب الإمام والجند غنائم في دار الحرب فأخرجوها إلى دار الإسلام فباع الإمام أو بعض أمنائه الغنائم لمصلحة رآها حتى جاز البيع، فوجد المشتري بجارية عيباً لا يدري أكان العيب يوم الشراء أو لم يكن، لم يكن له أن يخاصم الإمام في الرد بالعيب؛ لأن بيع الإمام خرج على وجه القضاء بالنظر للغانمين، ولو صار خصماً في هذا البيع خرج بيعه من أن يكون قضاء، فإن القاضي لا يصلح خصماً.
وإذا عرفت هذا الحكم في حق القاضي فكذا في حق أمينه؛ لأن أمنيه نائب عنه هذا بخلاف ما إذا نصب الإمام وصياً عن الميت بالتصرف حيث تلحقه العهدة؛ لأنه نائب الميت ولكن ينصب القاضي، والميت كان يصلح خصماً في حياته فكذا نائبه.
وإذا لم يصلح الإمام خصماً ولا نائبه كان للإمام أن يجعل أمينه خصماً للمشتري ابتداء وإن شاء نصب آخر دفعاً للضرر عن المشتري، فإن أقام المشتري البينة على الخصم أن العيب كان بالجارية يوم اشتراها ردها عليه، وإن لم يكن أراد استحلاف من يخاصمه لا يستحلف؛ لأن المقصود من الاستحلاف النكول الذي هو قائم مقام الإقرار، ولو أقر هذا الخصم بالعيب لا يصلح إقراره للمعنى الذي قلنا فكذا هذا الذي نصبه الإمام إذا أقر