بمائة دينار، ثم إن المشتري وجد العبد أعور فقال البائع: حدث عندك أيها المشتري، وقال المشتري للبائع: كان عندك فالقول قول البائع وعلى المشتري البينة، وإن لم يكن للمشتري البينة يحلف البائع، ويقال للمشتري: أتخاصم البائع في النصف الأول أو في النصف الثاني أو فيهما؛ لأن كل واحد من النصفين معقود عليه بإيراد العقد عليه على حدة واختلاف الأسباب ينزل اختلاف الأعيان.
ولو كانا عينين كان له أن يخاصم في أيهما شاء، وإن شاء خاصم فيهما كذا هنا، فإن قال: أنا أخاصم في الآخر وأقف في الأول لأتأمل أكان العيب عنده أم لا، كان ذلك، ويستحلف البائع على النصف الآخر، فإن نكل رد ذلك على البائع، وإن حلف لزم المشتري. وإذا حلف البائع، ثم إن المشتري خاصم من بعد في النصف الأول فأراد أن يستحلفه فقال البائع لما حلفت أنه لا عور عند البيع الثاني كان ذلك متى حلف أنه لا عور به عند البيع الأول بطريق الضرورة فلا أحلف مرة أخرى لايلتفت إلى ذلك؛ لأن هذه اليمين في النصف نفت الخصومة فلا تعتبر، ألا ترى أنه لو حلف المدعى عليه بعد الخصومة (100أ3) قبل طلب المدعي لا يعتبر يمينه فهذا أولى.
وكان الفقه في ذلك: أن اليمين أحد نوعي الحجة للمدعي كالبينة، ثم إن البينة لا تعتبر قبل وجود الدعوى فكذا اليمين، ثم إذا حلف في النصف الأول، فإن حلف لم يرد عليه شيء، وإن نكل عن هذا اليمين لزمه النصف الأولى، فإن قال المشتري: إن العيب واحد وقد ثبت بنكوله فأرد عليه النصف الآخر لا يلتفت إلى ذلك، وهذا لا يشكل على قول أبي حنيفة؛ لأن عنده النكول بدل، وبدل الفسخ في أحد النصفين لا يكون بدلاً للفسخ في النصف الآخر، وإنما يشكل عندهما النكول إقرار.
ولو أقر البائع بالعيب يوم باع النصف الأول كان للمشتري أن يرد عليه النصفان، ولكن الوجه في هذا أن يقال: بأن الإقرار حجة مطلقة في حق المقر، فإذا ثبت العيب بإقراره في النصف الأول ثبت في النصف الباقي؛ إذ يستحيل أن يكون العيب قائماً بأحد النصفين شائعاً ولا يكون قائماً في النصف الآخر، فأما النكول ليس بإقرار حقيقة ولكن جعل إقراراً ضرورة قطع الخصومة فيعتبر إقرار في محل الخصومة ههنا النصف الأول دون الثاني.
وكذلك لو خاصمه المشتري في النصف الأول قبل أن يخاصمه في النصف الثاني فنكل البائع عن اليمين فرد عليه النصف الأول، ثم أراد رد النصف الثاني بذلك النكول لم يكن له ذلك حتى يخاصمه فيه خصومة مستقبلة لما قلنا فلا يفيد، وإن أراد المشتري أن يخاصم في النصفين جميعاً يحلف البائع فيهما يميناً واحداً؛ لأن الدعاوي إذا اجتمعت وتوجهت من واحد على واحد والجنس متحد يكفي يمين واحدة، أصله حديث القسامة.
وألا ترى أن من ادعى أموالاً مختلفة على رجل فطلب يمينه في الكل يحلف يميناً واحداً؟ فكذا هنا يحلف يميناً واحداً بالله لقد باعه النصف الأول وسلمه إليه وما به هذا العيب، وباعه النصف الثاني وسلمه إليه وما به هذا العيب، فإن حلف فيهما برئ عنهما،