قوي، ولا يجوز فسخ العقد القوي بحجة ضعفة. وإن كان ذلك قبل القبض فكذلك لا يرد بقول الواحد هل يرد بقول المثنى؟ ذكر بعض مشايخنا: أن على قياس قول أبي حنيفة لا يرد، وعلى قولهما يرد. وذكر الخصاف في «أدب القاضي» : أنه لا يرد في ظاهر رواية، أصحابنا وفي «القدوري» : أنه لا يرد في المشهور من قول أبي يوسف ومحمد؛ لأن ثبوت العيب بشهادتين أمر ضروري ومن ضرورة ثبوت العيب توجه الخصومة لما ليس من ضرورته الرد فيحلف البائع، فإذا نكل فقال: بدت بشهادتين بنكوله فيثبت الرد. وروي الحسن بن زياد عن أبي حنيفة مطلقاً: أنه يثبت الرد بشهادتهن؛ لأن شهادة

النساء فيما لا يطلع عليه الرجال كشهادة الرجال فيما يطلع الرجال، وعن محمد في رواية ابن سماعة مطلقاً: أنه يثبت الرد بشهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال إلا في الحبل؛ لأن معرفة الحبل غير ممكن؛ لأن الحبل من جملة ما توخى الله علمه بنفسه، أما معرفة ما سوى الحبل حقيقة ممكن بالنظر إليه فجاز الرد بشهادتهن. وفي «النوادر» عن أبي يوسف: أن قبل القبض يثبت الرد بشهادتهن بخلاف ما بعد القبض، والفرق: أن شهادة النساء وإن كانت حجة ضعيفة إلا أن العقد قبل القبض ضعيف أيضاً، ولهذا ملك المشتري الرد بالعيب قبل القبض من غير قضاء ولا رضا ويجوز فسخ العقد بحجة ضعيفه بخلاف ما بعد القبض.

وفي «المنتقى» ابن سماعة عن أبي يوسف: اشترى جارية فقبضها وادعى أنها رتقاء أريها النساء، فإن قلن هي رتقاء رددتها على البائع وكذلك إذا ادعى أن بها كية قديمة في موضع لا ينظر إليه إلا النساء قال وأرد في مثال هذا بقول امرأة واحدة، قال ثمة: وحكي عن محمد بن الحسن مثل ذلك.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل اشترى جارية وادعى أن لها حبلاً وأراد ردها بعد يوم أو يومين أو ثلاثة، فإن القاضي يحلف البائع البيتة بالله لقد بعتها وما بها حبل، وإن قال المشتري للقاضي: حلفه ما يعلم أن بها حبلاً فالقاضي يحلفه، فإن حلف على ذلك لا يحلف البتة حتى يشهد نساء أنها حامل، فإذا شهد بذلك حلف على ذلك البته على نحو ما ذكرنا، فإن لم يحلف على العلم حلف البتة لقد باعها وما بها حبل.

وفي «نوادر هشام» عن محمد: اشترى جارية وادعى أن بها حبلاً وأحضر أمرأة عدلة شهدت بذلك، قال: أقبل شهادتها على أن استحلف البائع بالله لقد باعها وقبضها المشتري وما هي يومئذ بحامل، وإذا لم تشهد المرأة قلت للبائع: أهي حامل عندك الساعة، فإن لم يقر قلت: أحلف ما هي عندك الساعة حامل.

وعن إبراهيم عن محمد: أن من اشترى في آخر جارية وادعى أنها خنثى يحلف البائع على ذلك؛ لأن هذا من جملة ما لا يطلع عليه الرجال والمرأة فيعذر معرفة ما وقع فيه الدعوى من جهة غيرها فيعتبر الدعوى والإنكار، والجواب في دعوى الاستحاضة في حق حكم الرجوع إلى النساء لتوجه الخصومة وفي الرد بشهادتهن قبل القبض وبعده كالجواب في دعوى الحبل على الوجه الذي ذكرنا كذا ذكر في كتاب «الاستحلاف» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015