فراغ الإمام من قوله الله لم يجز سواء قال أكبر مع الإمام أو قبله أو بعده، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله، وقال أبو يوسف: يجزئه إذا قال أكبر مع الإمام أو بعده؛ لأن كل لفظ التكبير فرض عند أبي يوسف حتى لا يصير داخلاً عنده بقوله الله للتفسير المتقدم والمتأخر في كل لفظ التكبير.
وعندهما بقول الله: يصير شارعاً فيعتبر التقدم، والتأخر فيه، ولو قال الله مع الإمام أو بعده، وفرغ في قوله أكبر قبل فراغ الإمام من قوله أكبر على قول أبي حنيفة: يجوز؛ لأنه لو اقتصر على قول الله مع الإمام أو بعده يجوز، فههنا كذلك.
وقيل: ينبغي ههنا أن لا يجوز بالاتفاق؛ لأنه إنما يصير شارعاً بقول الله عند أبي حنيفة إذا اقتصر عليه، أما إذا قال أكبر يصير شارعاً بالكل، ويصير الكل فرضاً، وإذا نوى الاقتداء وكبّر ووقع تكبيره قبل تكبير الإمام، فيصلي الرجل بصلاة الإمام لم يجز؛ لأنه لم يصر إماماً؛ لأنه حين اقتدى به لم يكن هو في الصلاة، وهل يصير شارعاً في صلاة نفسه؟
أشار في كتاب الصلاة إلى أنه يصير شارعاً، فإنه قال متى جدد تكبيراً مستأنفاً ونوى صلاة الإمام كما في تكبيره قطعاً للصلاة، الأولى شروعاً في صلاة الإمام، وذكر في «النوازل» : لأبي سليمان أنه لا يصير شارعاً، فإنه قال: إذا قهقهه لا تنتقض طهارته، ولو صار شارعاً لا تنتقض طهارته.
فمن مشايخنا من قال في المسألة روايتان على رواية «النوادر» : لا يصير شارعاً، وعلى رواية «الأصل» يصير شارعاً، ومن المشايخ من قال: ليس في المسألة اختلاف الروايتين، واختلفوا فيما بينهم، قال بعضهم على رواية «النوادر» يصير شارعاً؛ لأنه نوى نيتيّن الاقتداء والصلاة، فبطلان إحدى النيتين لا يوجب بطلان النية الأخرى، وما ذكر من عدم انتقاض الطهارة بالقهقهة لا يدل على عدم الشروع؛ لأن حرمة هذه الصلاة قاصرة، فإنه شرع مقتدياً وقد ظهر فيه بخلافه، فصار كالصلاة المظنونة، ولا رواية فيها فلا تكون في معنى المنصوص، وهذا الحكم وهو انتقاض الطهارة بالقهقهة عرف بالنص، ومنهم من قال على رواية كتاب الصلاة لا يصير شارعاً؛ لأنه اقتدى بمن ليس في الصلاة، فصار كما لو اقتدى بجنب أو محدث، والروايات ثمة متفِّقَة، وإنما سمّاه قطعاً في زعم المصلي غير أن كلا القولين ضعيف، أما الأول؛ لأن القهقهة في الصلاة المظنونة توجب انتقاض الطهارة؛ لأنها لاقت حرمته صلاة مطلقة، وإن كانت لا توجب القضاء كما لو قهقه قبل السلام، وذلك روي عن أبي يوسف.
وأما الثاني: فلأنه سمّاه قطعاً للصلاة مطلقاً فيجب العلم بحقيقته، ما يكون قطعاً للصلاة بزعم المصلي يكون قطعاً بصورته فلا يكون قطعاً مطلقاً أو لا يكون قطعاً حقيقة، بل يكون مجازاً.
وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» : أن ما ذكر في «الأصل» قول أبي يوسف، وما ذكر في «النوادر» قول محمد بناءً على أصل أن الجهة إذا فسدت قبل: تبقى أصل الصلاة على قول أبي يوسف تبقى، وعلى قول محمد: لا تبقى، وعن أبي حنيفة