قال القدوري: إن صلوا جماعة استداروا حول الكعبة، هكذا جرت العادة، ومن كان منهم أقرب إلى الكعبة من الإمام، فإن كان في الجماعة التي يصلي إليها الإمام لم يجز؛ لأنه متقدم على الإمام، فإن كان في جهة أخرى جاز.

وإن صلت امرأة إلى جنب الإمام في ذلك الجهة فسدت صلاة الإمام وصلاة القوم، وإن صلت إلى غير ذلك الجهة فسدت صلاة من يحاذيها خاصة، والكلام في فساد صلاة الرجل بحسب المحاذاة يأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى، وسواء كانت الكعبة مبنيّة أو منهدمة يتوجه إليها، لأن الكعبة ليست للحيطان ألا ترى لو وضع الحيطان في موضع آخر وصلى إليها لا يجوز.

وفي «الأصل» يقول: وإذا كانت الكعبة تبنى جاز له أن يصلي إليها، وأراد به انهدام الحيطان، لكن يكره إطلاق لفظ الهدم عليها، ولو صلى في جوف الكعبة أو على سطحها جاز إلى حيث ما توجه؛ لأنه مستقبل الجزء منها واستدبار الباقي لا يضر؛ لأن استقبال الكل متعذّر ولو صلى على جدار الكعبة فإن كان وجهه إلى سطح الكعبة يجوز وإلا فلا، ولو صلوا في جوف الكعبة بجماعة استداروا خلف الإمام وينبغي لمن يواجه الإمام أن يجعل بينه وبين الإمام سترة، ولو صلى وظهره إلى ظهر الإمام جاز، ومن كان ظهره إلى وجه الإمام لم يجز؛ لأنه متقدم.

الإمام إذا صلى فنوى مقام إبراهيم، ولم ينوِ الكعبة إن كان هذا الرجل قد رأى مكة، لم يجز وإن لم يكن رأى مكة، وعنده أن المقام أو البيت واحد أجزأه؛ لأنه نوى البيت، وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده في الباب الأول من صلاته من نوى مقام إبراهيم لا يجزيه إلا أن ينوي الجهة، فحينئذٍ يجوز، ومن شرط نية الكعبة يقول إذا نوى الكعبة أو نوى الفرضة يجوز، ولو نوى البناء لا يجوز إلا أن يريد بالبناء الجهة، ولو صلى مستقبلاً بوجهه إلى الحطيم لا يجوز.

ولو أن مريضاً صاحب فراش لا يمكن أن يحول وجهه إلى القبلة وليس يحضر به أحد يوجهه تجزيه صلاته إلى جهة ما توجه، وكذا إذا كان صحيحاً لكنه يختفي من العدو أو غيره ويخاف أنه إذا تحرك واستقبل القبلة أن يتبصر به العدو جاز له أن يصلي قاعداً أو قائماً بالإيماء أو مضجعاً حيث ما كان بوجهه، وكذلك إذا انكسرت السفينة وهي على لوح وخاف أنه لو استقبل القبلة يَسقط في الماء يتأتى له أن يصلي حيث ما كان وجهة المصلي إذا حوّل وجهه عن القبلة إن حول صدره فسدت صلاته، وإن لم يحول صدره لا تفسد صلاته إذا استقبل من ساعة القبلة؛ لأنه قل ما يمكن التحرز عن هذا، قالوا: وهذا الجواب أليق بقول أبي يوسف ومحمد أما على قول أبي حنيفة ينبغي أن لا تفسد صلاته في الوجهين بناءً على أن عندهما الاستدبار إذا لم يكن لقصد الإصلاح تفسد الصلاة، وعند أبي حنيفة إذا لم يكن لقصد ترك الصلاة لا تفسد ما دام في المسجد.

أصل هذا إذا انصرف عن القبلة على ظن أنه أتم الصلاة فتبيّن أنه إن لم يتم فعند أبي حنيفة يبني ما دام في المسجد، وعندهما لا يبني، والمسألة مع أجناسها تأتي بعد هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015