وإن كان له مصحف قيمته مائتا درهم وهو ممن يحسن أن يقرأ فيه فلا أضحية عليه سواء كان يقرأ منه أو يتهاون ولا يقرأ ولا يستعمله، وإن كان لا يحسن أن يقرأ فيه فعليه الأضحية.
وإن كان له ولد صغير حبس المصحف لتسلمية إلى الأستاذ فعلمه فعليه الأضحية، وكتب المعلم والحديث مثل مصحف القرآن في هذا الحكم، وإن كان الرجل غنياً وله أولاد صغار وليس للأولاد مال فليس عليه أن يضحي عن أولاده في ظاهر الرواية.
وروى الحسن عن أبي حنيفة أن عليه ذلك، وقد قيل أيضاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف عليه ذلك وعند محمد وزفر ليس عليه ذلك.
وإن كان للأولاد مال فذكر شمس الأئمة السرخسي قال بعض مشايخنا: على الأب والوصي أن يضحي عنه من ماله عند أبي حنيفة (150أ2) قال رحمه الله: والأصح أنه ليس عليه ذلك؛ لأن القربة إنما تقع بإراقة الدم، والتصدق بعده تطوع، وذلك لا يجوز في مال الصغير، والصغير ربما لا يمكنه أن يأكل الجميع، والبيع متعذر فلهذا لم يجب، وذكر شمس الأئمة الحلواني: أن على قول أبي حنيفة وأبي يوسف يجب في ماله، وإن ضحى عنه الأب ضمن؛ قال القدوري في «شرحه» : والصحيح أن يقال بأنه يضحي عنه، ويأكل الصبي منه ما يمكنه، ويباع بالباقي ما ينتفع بعينه على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وذكر الصدر الشهيد في شرح الأضاحي: عليه أن يضحي من ماله، وعند محمد وزفر ليس عليه ذلك، فإن فعل الأب أو الوصي ذلك ضمن، وروى الحسن عن أبي يوسف، وعن أبي حنيفة ضمن الأب أو الوصي ذلك، فعلى قول محمد وزفر على ما رواه الحسن يجب الضمان، وأما على قول أبي حنيفة وأبي يوسف: فالأب لا يضمن بلا خلاف على كل حال، وفي الوصي اختلف المشايخ؛ بعضهم قالوا: إن كان الصبي يأكل فلا ضمان على الوصي، وإن كان لا يأكل، فعليه الضمان.
وفرق هذا القائل بين الأب والوصي من حيث إن تصرف الوصي إنما ينفذ على الصغير إذا كان للصغير فيه نفع ظاهر، وإنما يكون نفعاً ظاهراً إذا كان الصبي يأكل.
أما تصرف الأب، فإنما لا ينفذ إذا كان ضاراً ولا ضرر ههنا.
ومنهم من قال: لا ضمان على الوصي على كل حال؛ كما لا ضمان على الأب، قال رحمه الله، وعليه الفتوى.
ومن كان موسراً في أحد أيام النحر، فلم يضح حتى افتقر قبل مضي أيام النحر سقطت عنه الأضحية، وكذلك إذا أنفق حتى انتقص النصاب، وإن افتقر بعد مضي أيام النحر لم يسقط عنه التصدق بثمن الشاة.
وكذلك لو كان موسراً في أيام النحر، فلم يضح حتى مات قبل مضي أيام النحر؛ سقطت عنه الأضحية حتى لا يجب عليه الإيصاء، ولو مات بعد مضي أيام النحر لم يسقط عنه التصدق بقيمة الشاة؛ حتى لزمه الإيصاء به، أشار إلى أن الوجوب يتعلق بآخر الوقت كما في الصلاة، وعن أبي حنيفة في الموسر: إذا ولد له في أيام النحر يضحي عنه ما لم تمض أيام النحر بناءً على ما قلنا: الوجوب بآخر الوقت، وعلى أهل السواد الأضحية بخلاف الجمعة وصلاة العيد؛ لأن المصر هناك شرط، ولا كذلك في الأضحية.