يجب أن يعلم بأن الحيوانات على أنواع: منها ما لا دم له نحو الذباب والزنبور والسمك والجراد وغير ذلك، ولا يحل تناول شيء منها إلا السمك والجراد، غير أن الجراد يحل مات بعلة أو بغير علة، والسمك إذا مات بغير علة لا يحل، وإذا مات بعلة يحل، وسيأتي بيان ذلك بعد هذا؛ إن شاء الله.
وما له دم نوعان: مستأنس ومتوحش، فالذي يحل تناوله من المستأنس بالاتفاق هو الإبل والبقر والغنم والدجاج، وأما الحمار الأهلي، فلحمه حرام، وأما الفرس فلحمه مكروه عند أبي حنيفة كراهة تنزيه عند بعض المشايخ، وكراهة تحريم عند بعضهم هو الصحيح، وعندهما: لا كراهة في لحمه، وأما البغل، فعند أبي حنيفة لحمه مكروه على كل حال، وعندهما كذلك؛ إن كان الفرس نزا على الأتان، وإن كان الحمار نزا على الرمكة، فقد قيل: يكره، وقد قيل: لا يكره، وأما السنور، والكلب، فلحمهما حرام أهلياً كان أو وحشياً.
وأما المستوحش فنوعان: صيد البر، وصيد البحر.
أما صيد البحر: فلا يحل تناول شيء منها إلا السمك.
وأما صيد البر، فالذي لا يؤكل منه كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، والمراد من الناب والمخلب الناب الذي هو سلاح، والمخلب الذي هو سلاح.
بيان الأول: الأسد والذئب والنمر والفهد والضبع والثعلب وما أشبه ذلك، وكرهوا أيضاً الفيل والدب والقرد والضب، وكرهوا أيضاً سباع الهوام، نحو اليربوع وابن عرس والسنجاب والسنور والفيل والدنق، وكرهوا أيضاً جميع الهوام الذي سُكناها في الأرض نحو الفأرة والوزغ والقنفذ وسام أبرص والحباب، وجميع هوام الأرض إلا الأرنب، فإنه يحل أكله.
وبيان الثاني: الصقر والبازي والشاهين والنسر والعقاب وما أشبه ذلك، وأما العقعق والسوداية وما أشبه ذلك مما لا مخلب له من الطير لا بأس بأكله، وعن محمد في «الرقيات» في العقعق: إذا أكل الجيف يكره أكله، وفإذا كان يلتقط الحب لا يكره، وفي «المنتقى» عن أبي حنيفة أنه قال: لا بأس بأكل العقعق؛ قال: لأنه يخلط الحب مع الجيف، وإنما يكره من الطير ما لا يأكل الجيف، وما له مخلب.
وأما الغراب الأبقع والأسود فهو أنواع ثلاثة: زرعي يلتقط الحب ولا يأكل الجيف، وإنه لا يكره، ونوع منه لا يأكل إلا الجيف، وهو مكروه، ونوع منه يخلط الحب بالجيف؛ يأكل الحب مرة ويأكل الجيف أخرى، وإنه غير مكروه عند أبي حنيفة، وعند