ومن صور الشركة الفاسدة: اشتركا ولأحدهما دابة، وللآخر إكاف وجوالق على أن يؤاجر الدابة فما أجراها له من (142ب2) شي حملاه بهذه الأداة على (أن) الأجر بينهما نصفان، فهذه شركة فاسدة، فإن أجر الدابة بحمل طعام إلى موضع معلوم، ثم نقلاه بتلك الأداة بأنفسهما؛ كان الأجر كله لصاحب الدابة، ولا يقسم على أجر مثل الدابة، وأجر مثل الإكاف والجوالق؛ لأن الإجارة وقعت على الدابة مقصوداً؛ لأن الحمل على الدابة هو المقصود، والإكاف والجوالق آلة الحمل، فدخولهما في الإجارة بطريق التبعية، فلا يقابلهما شيء من الأجر.
ولو كانا اشتركا على أن يتقبلا عمل الطعام على أن يعمل هذا بأداته، وهذا بدابته، فالأجر بينهما نصفان، ولا أجر لدابة هذا ولا لأداة هذا؛ لأن العقد ههنا وقع على التقبل في العمل، وهما في التقبل على السواء.
قال أبو حنيفة: ولو أن رجلاً دفع دابة إلى رجل ليؤاجرها؛ على أن ما آجرها من شيء، فهو بينهما نصفان، فهذه الشركة فاسدة، والأجر كله لرب الدابة، وللذي آجرها أجر مثل عمله. ولو دفع دابة إليه يبيع عليها البر والطعام على أن الربح بينهما نصفان، فهذه الشركة فاسدة أيضاً، فكان البر كله لصاحب الثمن والطعام؛ لأنه بدل ملكه، ولصاحب الدابة أجر مثل دابته.
في «المنتقى» : اشتركا يعملان على أن لأحدها أجر كل شهر عشرة دراهم، ليس من مال الشركة، فالشركة جائزة والشرط باطل.
في «الفتاوى» : أعطى بذر العيلق رجلاً ليقوم معه، ويعلقه بالأوراق على أن ما حصل فهو بينهما، فقام عليه ذلك الرجل حتى أدرك، فالعيلق لصاحب البذر؛ لأنه حدث من بذره، وللرجل الذي قام معه قيمة الأوراق، وأجر مثله على صاحب البذر.
وعلى هذا إذا دفع البقرة إلى إنسان بالعلف، ليكون الحادث بينهما نصفان، فما حدث فهو لصاحب البقرة، ولذلك الرجل مثل علفه الذي علفها، وأجر مثل ما قام عليها؛ لأنه غير متبرع في ذلك حيث شرط لنفسه نصف الحادث، وعلى هذا إذا دفع الدجاجة إلى رجل بالعلف ليكون البيض بينهما نصفان.
والحيلة أن يبيع نصف البقرة من ذلك الرجل، ونصف الدجاجة ونصف بذر العلق بثمن معلوم حتى تصير البقرة وأجناسها مشتركة بينهما، فيكون الحادث منهما على الشركة.