قال القدوري: وإن عمل أحدهما دون الآخر، وهي مفاوضة أو عنان فالأجر بينهما على ما اشترطا؛ لأن الشركة انعقدت على التقبل وذلك نافذ عليهما، والعمل من أحدهما إبقاء لما عليه وعلى صاحبه، فيصير صاحبه كالمستعير بالعامل.
في «المنتقى» : بشر عن أبي يوسف في قصارين شريكين؛ طلب رجل ثوباً في أيديهما أنه دفعه بعمل له بأجر، فأقربه أحدهما وجحد الآخر، وقال: هو لي، فالمقر منهما مصدق في ذلك، فيدفع الثوب، ويأخذ الأجر استحساناً، والقياس: أن لا يصدق على شريكه؛ لأن هذه الشركة بمنزلة شركة العنان، وروي عن محمد أنه أخذ بالقياس، وقال: ينفذ إقراره بالنصف الذي في يده خاصة، وإنا استحسنا في ضمان العمل، والمطالبة بالأجر خاصة وألحقناها في هذين الوجهين بالمفاوضة، وفيما عداهما يبقى على الأصل.
وجه الاستحسان: أنه لما ظهر معنى المفاوضة في ضمان العمل ظهر في محل العمل أيضاً، فنفذ إقراره في محل العمل على صاحبه.
وكذلك إن كان في الثوب خرق؛ أقر أحدهما أنه من الدق، وجحد الآخر أن يكون الثوب؛ لو طالب وقال: هو لنا؛ صدقت المقر على ذلك؛ لأني أصدقه على الثوب أنه للمقر له. ولو أن المنكر أقر بالثوب لآخر ادعاه بعد إنكاره الأول كان الإقرار للأول في الثوب، ولا يصدق الآخر على الثوب، ويصدق على نفسه بالضمان، ولا يرجع على صاحبه بشيء من ذلك، وأيهما أقر بثبوت مستهلك..... لرجل، والآخر منكر فالضمان على المقر خاصة.
وكذلك إذا أقر أحدهما بدين من ثمن صابون، أو أشنان مستهلك، أو أجر أجير أو أجر بيت يثبت لمدة مضت؛ لم يصدق على صاحبه (142أ2) إلا ببينة، ويلزم المقر خاصة، وإن كانت الإجارة لم تمضِ، والبيع لم يستهلك لزمهما، ونفذ إقرار المقر على صاحبه؛ إلا أن يدعي أنهما بغير شراء، فيكون القول قوله، قال: ولا يشبه الشراء الإجارة في هذا الوجه؛ إنما أحدث في الإجارة بالاستحسان.
ألا ترى أن البائع يأخذ بالثمن المشترى دون الشريك، ويأخذ في الإجارة بالعمل أيهما شاء استحساناً، وإنما أحدث في الشراء بالقياس؛ كحكم الشريكين غير المفاوضين.
وإن قال أحدهما: اشتريت هذا الصابون من هذا وشريكي بدرهم، وقال الآخر مثل ذلك، فعلى كل واحد منهما نصف درهم للذي أقر له والصابون بينهما.
ولو قال: اشتريت هذا الصابون من هذا بدرهم، وقال الآخر: لا، بل اشتريته أنا من هذا الآخر بدرهم، فعلى كل واحد منهما درهم للذي أقر له، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء.