فأما بيان أنواعها فنقول: شركة العقود أنواع ثلاثة: شركة بالمال، وشركة بالوجوه، وشركة بالأعمال، وكل ذلك على وجهين؛ مفاوضة وعنان، وشرط جواز هذه الشركات كون المعقود عليه عقد الشركة قابلاً (134ب2) للوكالة؛ لأن المقصود من هذه العقود الشركة في التصرف، والشركة في التصرف إنما تثبت إذا صار كل واحد منهما وكيلاً عن صاحبه في التصرف، فيشترط كون ما عقدا عليه عقد الشركة قابلاً للوكالة لهذا.
ثم الشركة إذا كانت بالمال لا تجوز عناناً كان أو مفاوضة؛ إلا إذا كان رأس مالهما من الأثمان التي لا تتعين في عقود المبادلات؛ نحو الدراهم والدنانير، فأما ما يتعين في عقود المبادلات نحو العروض، فلا تصح الشركة بها سواء كان ذلك رأس مالهما أو رأس مال أحدهما، وإنما لا تصح الشركة بالعروض لما أشار إليه في «الكتاب» : أن رأس المال مجهول، ومعناه أن العروض ليست من ذوات الأمثال، وعند القسمة لا بد من تحصيل رأس المال أولاً ليظهر الربح، فإن كان رأس المال عروضاً فتحصيله عند القسمة يكون بطريق الحزر والظن، فلا يثبت اليقين به، ولمعنى آخر أن كل واحد من الشريكين يصير وكيلاً عن صاحبه بالتصرف، فإذا كان رأس المال عروضاً صار كل واحد موكلاً صاحبه ببيع متاعه على أن يكون له بعض ربحه، وذلك لا يجوز؛ لأن الوكيل بالبيع يكون أميناً ليكون هذا ربح ما لم يضمن في حقه، وإنه لا يجوز، وإذا كان رأس المال دراهم أو دنانير؛ صار كل واحد منهما موكلاً صاحبه بالشراء بماله على أن يكون له بعض الربح وذلك جائز؛ لأن الوكيل بالشراء يكون ضامناً للثمن في ذمته، فيكون هذا ربح ما قد ضمن وإنه جائز.
ويشترط مع ذلك أن يكون رأس المال عيناً، إما حاضراً في المجلس، أو غائباً عن المجلس؛ مشاراً إلى مكانه؛ حاضراً عند الشراء.
وذكر شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» ، والشيخ أبو الحسن القدوري: أن من دفع إلى رجل ألف درهم، وقال: أخرج من عندك ألفاً مثل هذه الألف واشتر بها وبع، فما ربحت من شيء فهو بيننا، ففعل المأمور كذلك، فهو جائز، وإن لم يكن المال حاضراً في مجلس العقد، ولا مشاراً إلى مكانه، واكتفي بوجوده عند الشراء.
وأما التبر من الذهب والفضة، فقد جعله في كتاب الشركة من «الأصل» بمنزلة العروض، فلم تجز الشركة بها، وفي صرف «الأصل» جعله بمنزلة الأثمان فجوز الشركة بها.
قال شمس الأئمة السرخسي: والحاصل: أن المعتبر في هذا العرف، ففي كل بلد