وعبارة شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» : إنه يترك الأرض في يد المزارع بأجر المثل من غير اشتراط إجارة رب الأرض. أو القاضي، وإن أبى المزارع أن تكون الأرض في يده بأجر المثل وكره قلع الزراع أيضاً، وأراد أن يضمن رب الأرض قيمة الزرع، وقال: زرعي متصل بأرضك، فأشبه الصبغ المتصل بثوبك، فلي أن أضمنك قيمته كما في الصبغ؛ لم يذكر هذه المسألة في «الأصل» ، وذكر في «المنتقى» في موضع أن له ذلك إلا إن رضي رب الأرض أن يترك الزرع في أرضه حتى يستحصد أو يكون ذلك منه وفاءً بالشرط الذي شرط في عقد العارية، فلا يلزمه شيء آخر، وقال في موضع آخر: ليس للمزارع أن يضمن رب الأرض قيمة الزرع.

قال في «المنتقى» : وإن أراد رب الأرض أن يعطي المزارع بذره ونفقته ويخرج الأرض من يده، ويكون الزرع له؛ يعني لرب الأرض، ورضي المزارع به، فإن كان لم يطلع من الزرع شيء لا يجوز، وإن كان الزرع قد خرج جاز؛ لأن المزارع يصير بائعاً الزرع، وبيع الزرع قبل أن يخرج لا يجوز بلا خلاف، وبعد أن يخرج فيه كلام، وأشار ههنا إلى الجواز.

ولو استعار داراً ليبني فيها بناءً، أو أرضاً ليغرس فيها نخلاً ففعل ثم أراد رب الدار والأرض أن يخرجه، فله ذلك؛ سواء كانت العارية مطلقة، أو مؤقتة ولا يضمن صاحب الدار والأرض قيمة البناء والأشجار؛ إن كانت العارية مطلقة عند علمائنا، ويضمنها إن كانت العارية مؤقتة، وأراد إخراجه قبل الوقت؛ هكذا ذكر المسألة في «الأصل» ، وذكر في «المنتقى» عن أبي حنيفة أن عليه قيمة البناء سواء كانت العارية مطلقة أو مؤقتة، فصار في العارية المطلقة عن أبي حنيفة روايتان.

وجه ما ذكر في «المنتقى» : أن البناء للدوام، وقد أذن له في ذلك فبالإخراج يصير غاراً، فلدفع الغرور أوجبنا القيمة. وجه ما ذكرنا في «الأصل» : أن الثاني معير، وليس بغرور؛ لأنه بنى هذا البناء معتمداً على إذنه مع علمه أن البناء بهذا الإذن على الجواز دون اللزوم، وأما إذا كانت العارية مؤقتة، وأراد إخراجه قبل الوقت يغرم قيمة البناء والأشجار قائماً يوم الاسترداد باتفاق الروايات؛ لأن التوقيت غير محتاج إليه لتصحيح العارية، وإنما فائدته ضمان تبعية البناء إلى هذا الوقت، وضمان قيمة البناء إن أخرجه قبل الوقت، وإنما يعتبر قيمة البناء قائماً؛ لأن القلع والنقض غير مستحق عليه قبل الوقت ولهذا يضمن له، وإذا لم يكن القلع مستحقاً عليه كان حقه في بناء قائم بغير الاسترداد، فيعتبر قيمته.

كذلك هذا إذا أراد صاحب الأرض إخراجه قبل الوقت، وإن مضى الوقت، فصاحب الأرض يقلع عليه الأشجار والبناء، ولا يضمن شيئاً عندنا؛ لأن القلع بعد الوقت مشروط يقتضي ذكر الوقت فيعتبر بما لو كان مشروطاً نصاً؛ قال: إلا أن يضر القلع بالأرض، فحينئذٍ صاحب الأرض يتملك البناء، والأغراس بالضمان، ويعتبر في الضمان قيمته مقلوعاً؛ لأن القلع مستحق عليه بعد الوقت؛ بخلاف ما لو أراد إخراجه قبل الوقت حيث يضمنه قيمته قائماً؛ لأن النقض والقلع هناك غير مستحق عليه، فكان حق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015