غرفة، فتمضمض بها وغسل وجهه جاز، فإن أخذنا بهذه الرواية نحتاج إلى الفرق، ووجه الفرق على ظاهر الجواب أن المضمضة والاستنشاق يكون مقدماً على غسل الوجه فلو أصابهما بماء واحد صار المفروض تبعاً للمسنون، وذلك لا يجوز، ولا كذلك الأذنان مع الرأس، وإدخال الإصبع في صماخ أذنيه أدب وليس بسنّة هو المشهور، وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه كان يرى ذلك.
وذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني، والشيخ الإمام شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله: أنه يدخل الخنصر في صماخ أذنيه ويحركها، ويرويان في ذلك حديثاً عن «النبي صلى الله عليه وسلّموعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يفعل ذلك» .
لم يذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» مسح الرقبة، وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله يقول: إنه سنّة وبه أخذ أكثر العلماء، وقال أبو بكر بن أبي سعيد: إنه ليس بسنّة، وبه أخذ بعض العلماء، وقد روت الربيع بنت معوذ بن عفراء: «أن رسول الله عليه السلام مسح على رأسه وأذنيه ورقبته في بيتها» .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «امسحوا رقابكم قبل أن تغل بالنار» .
وأما تخليل اللحية فليس بمسنون، رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة، وهو قول محمد وقال أبو يوسف هو سنّة.
ومن السنّة عند غسل الرجلين أن يأخذ الإناء بيمينه وألقاه على مقدم رجله الأيسر، ودلكه بيساره، وإنما أخبرنا اليسار والدلك؛ لأن الرجل موضع الأذى واليسار للأذى، وإنما بدأنا من مقدم الرجل؛ لأن الله تعالى جعل الكعبين غاية، وكذلك في غسل اليدين يبدأ من رؤوس الأصابع، لأن الله تعالى جعل المرفق غاية.
(آداب الوضوء)
جئنا إلى بيان الأدب فنقول: من الأدب أن لا نسرف ولا نقتر، هكذا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله، وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله أن هذا سنّة.
ومن الأدب أن يقول عند غسل كل عضو: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، به ورد «الأثر عن رسول الله عليه السلام» . ومن الأدب أن لا يتكلم فيه بكلام الناس.
ومن الأدب: أن يتولى أمر الوضوء بنفسه لحديث عمر رضي الله عنه، فإنه قال: «إنا لا نستعين على طهورنا» ، مع هذا لو استعان بغيره جاز بعد أن لا يكون الغاسل