بيته، كأنهم أخذوا ذلك من هذا الحديث، وأما كسر الدنان، ذكر في «السير الكبير» : أنه إن فعل ذلك بإذن الإمام، أو فعل الإمام بنفسه، فلا ضمان، وإن فعل غير الإمام بغير إذن الإمام، فعليه الضمان.
وفي سير «العيون» مسلم شق زق خمر لمسلم، لا يضمن الخمر، ويضمن الزق؛ إلا أن يكون إماماً يرى ذلك فحينئذٍ لا يضمن؛ لأنه مختلف فيه، وكذلك إذا أظهر بيع الخمر في المصر يمنع منه، فإن أتلف ذلك إنسان يضمن (إلا أن يكون) إماماً يرى ذلك؛ لأنه مختلف فيه.
في «المنتقى» قال هشام: قلت لمحمد رحمه الله: رجل في يده ثوب فتشبث رجل بالثوب، فجذب صاحب الثوب من يد المتشبث فانخرق الثوب؛ قال: يضمن المتمسك نصف ذلك، قلت: من أين افترق هذا، واليد؟ قال: لأن.... يده أذى والتشبث ليس بأذى، وإن كان الذي جذب هو المتشبت، فهو ضامن جميعه؛ لأنه لم يكن له الجذب.
قال هشام: قلت: جلس رجل إلى جنب رجل، فجلس على ثوبه، وهو لا يعلم، فقام صاحب الثوب، فانشق ثوبه من جلوسه عليه؛ قال: يضمن نصف الشق؛ لأنه لم يكن له أن يجلس على ثوبه، فكان متعدياً في الجلوس، وقد حصل الشق بفعلهما، فيسقط ما كان بفعل المالك، ويجب ما كان بفعل الجالس.
وروى إبراهيم بن رستم عن محمد: في رجل قعد على رداء رجل، وهو لا يعلم، فنهض الرجل، فتخرق الرداء؛ قال: يضمن الذي قعد على الثوب؛ أوجب الضمان مطلقاً غير مقدر بالنصف، وإنه يخالف رواية هشام عنه، وعلى هذا المكعب إذا تخرق من وضع رجل غير صاحبه عليه، وصاحبه لم يعلم به، فعلى قياس رواية هشام يضمن الواضع نصف النقصان على نحو ما بينا في مسألة الثوب.
وفي «نوادر ابن رستم» : أن الحائك إذا حاك لرجل، فجاء الطالب ليأخذ الثوب، وأبى الحائك أن يدفع حتى يأخذ الأجر ضمن صاحب الثوب الثوب، فتخرق إن تخرق من يد صاحبه لا يضمن الحائك شيئاً، ولو تخرق من يديهما ضمن الحائك نصف قيمة الخرق؛ يعني نصف قيمة النقصان المتمكن بالخرق.
دفع عيناً إلى دلال ليبيعه، فعرض الدلال على صاحب دكان، وترك عنده، فهرب صاحب الدكان، وذهب بالمتاع؛ يضمن الدلال؛ لأن الدلال أمين، وليس للأمين أن يودع.
وذكر النسفي في «فتاويه» عن شيخ الإسلام أبي الحسن: أنه لا يضمن، وهو الصحيح؛ لأن هذا أمر لا بد منه؛ لأن المستام يعرض المتاع على أهله، أو من أحب لينظر في ذلك، ثم يشتري، فكان هذا أمراً لا بد منه، فلا يضمن الدلال لهذا.