وفيه أيضاً: الحمال إذا نزل في مفازة، وتهيأ له الانتقال، فلم يفعل حتى فسد المتاع بمطر أو سرق، فهو ضامن؛ هكذا ذكر، قيل هذا إذا كان المطر في ليلة غالباً؛ لأنه حينئذٍ يكون مضيعاً وقيل أيضاً: ويشترط مع ذلك أن لا يكون المالك معه، أما إذا كان المالك معه، فلا ضمان.
وفيه أيضاً: إذا دفع حمولة إلى جمال ليحملها إلى بلدة، فجاء الجمال إلى نهر عظيم، وفي النهر جمد كثير يجري كما يكون في الشتاء، فركب الجمال جملاً من الجمال، والجمال الآخر يدخلون الماء على أثر هذا الجمل، وقع جمل من الجمال في الماء من جريان الجمد وسقط الجمل في الماء قال: إن كان الناس يسلكون في مثل هذا، ولا ينكرون هذا، فلا ضمان.
جاء إلى قطار إبل وحل بعضها فلا ضمان؛ لأنه لم يغصب إبلاً. غصب بيضتين فحضن إحدهما تحت دجاجة له، أو حضنت دجاجة أخرى على البيضة الأخرى، فالفرختان له، وعليه بيضتان؛ لأنه استهلك الأولى وهلكت الأخرى في ضمانه، ولو كان مكان الغصب وديعة فالتي حضنت الدجاجة لصاحب البيضة؛ لأن الأمانة هلكت.
في «العيون» في «مجموع النوازل» : رجل غصب من آخر بقرة، وغصبها آخر من الغاصب، ثم سرقها المالك من الغاصب الثاني لعجزه عن استردادها منه مجاهرة، ثم إن الغاصب الثاني غلب على المالك، وغصب البقرة منه، فلا خصومة لصاحب البقرة على الغاصب الأول؛ لأن عين ما غصب منه الغاصب الأول قد وصل إليه.
سئل قاضي القضاة شمس الإسلام محمود الأوزجندي عن رجل دفع إلى آخر غلامه مقيداً بالسلسلة، وقال: اذهب به إلى أبيك، فذهب به بدون السلسلة، فأبق العبد؛ قال: لا ضمان؛ لأنه أمره بشيئين، وقد أتى بأحدهما.
جز غنماً بغير إذن صاحبها، وجعل صوفها لبوداً، فاللبود له؛ لأنه حصل بصنعه، فبعد ذلك ينظر؛ إن كان جز الصوف لم ينقص من قيمة الغنم شيئاً، فعليه مثل ذلك الصوف، وإن كان نقص منه فهو بالخيار؛ إن شاء ضمنه مثل ذلك الصوف، وإن شاء ضمنه ما دخل النقصان في الغنم.
في «فتاوى أبي الليث» : غصب من آخر عبداً أو جارية، وغاب المغصوب منه فجاء الغاصب إلى القاضي، وطلب منه أن يأخذ المغصوب منه، أو يفرض له النفقة، فحاصل الجواب في هذه المسألة أن القاضي يفعل ما هو الأصلح فيه في حق الغائب، فإن كان الأصلح أن يأخذ منه، فإن كان الغاصب مخوفاً يأخذه، ويبيعه إن رأى المصلحة في البيع، وإن كان الأصلح أن يتركه في يد الغاصب تركه.
حريق وقع في محلة، فهدم إنسان دار رجل بغير إذن صاحبها حتى انقطع الحريق من داره، فهو ضامن إذا لم يفعل (122ب2) بإذن السلطان، ولكن لا إثم عليه في ذلك؛ لأنه هدم ملك الغير بغير إذنه، وبغير إذن من يلي عليه، ولكن تعذر فهو نظير المضطر بتناول طعام الغير بغير إذنه.