إذا سعى إلى السلطان بغير ذنب أصلاً، فهو ضامن، وذكر القاضي الإمام صدر الإسلام في آخر شرح اللقطة السعاية على ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون بحق بأن يكون يؤذيه، ولا يمكنه دفعه عن نفسه إلا بالدفع إلى السلطان، وفي هذا الوجه لا ضمان، وحكي عن القاضي الإمام شمس الإسلام محمود الأوزجندي؛ أن المضروب إذا شكى إلى السلطان حتى أخذ السلطان مالاً من الضارب أنه لا ضمان عليه. وكذا إذا كان يفسق ولا يمتنع عنه بالأمر بالمعروف، فرفع إلى السلطان، وأخذ السلطان مالاً، فلا ضمان عليه.

الوجه الثاني: أن يقول للسلطان إن فلاناً وجد كنزاً في داره، أو قدر غطارف فإن كان السلطان يغرم الناس جزافاً لا محالة فهو ضامن، وإن كان قد يغرم الناس جزافاً، وقد لا يغرم؛ فلا ضمان.m

الوجه الثالث: أن يكون السعاية بغير حق، وفي هذا الوجه لا ضمان على الساعي في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف خلافاً لمحمد رحمه الله، وجعل هذه المسألة فرع مسألة فتح باب القفص؛ قال رحمه الله: والفتوى على قول محمد في زماننا؛ لكثرة السعاية زجراً لهم؛ صيانة لأموال الناس.

وذكر في «فتاوى النسفي» أنه سئل عن السعاية بغير ذنب؛ قال: روي عن زفر أنه ضامن، وبه أخذ كثير من مشايخنا.

وفيه أيضاً: العبد إذا سعى غيره بغير ذنب إلى السلطان حتى أخذ منه مالاً، إن العبد ضامن، ولكن لا يؤاخذ به إلا بعد العتق؛ لأن العبد ضامن العبد، ولكن لا يؤاخذ به إلا بعد العتق؛ لأن هذا ضمان القول.

إذا رش الماء في الطريق، فجاء حمار وزلق به وعطب؛ ذكر في «فتاوى أبي الليث» أن عليه الضمان، ولم يذكر ما إذا زلق به إنسان وعطب وذكر محمد رحمه الله في ديات «الأصل» : أن على عاقلته الضمان من غير فصل، وذكر الشيخ الإمام شيخ الإسلام تأويل المشايخ وأحسن التأويل، إذا رش كل الطريق بحيث لا يجد المار موضعاً يابساً يمر عليه، ففي هذا الوجه: الراش ضامن.

وكذلك الجواب في الخشبة الموضوعة في الطريق؛ إن أخذت الطريق كلها، فمر عليها وعثر ومات، فالواضع ضامن، وأما إذا رش بعض الطريق، فمر إنسان على الموضع الذي رش؛ إن لم يعلم بذلك بأن كان ليلاً وعثر ومات من ذلك وجب الضمان على الراش، وإن علم بذلك، ومع ذلك مر على موضع الرش فلا ضمان على الراش.

وكذلك الجواب في الخشبة الموضوعة في الطريق إذا أخذت بعض الطريق، فمر عليها إنسان متعمداً، وإلى هذا أشار محمد رحمه الله في مسألة حفر البئر.

وصورتها: إذا حفر بئراً على قارعة الطريق، فجاء إنسان، ووثب من إحدى حافتي البئر إلى الآخر خاطر بذلك، فوقع في البئر ومات، فلا ضمان على الحافر، وأما إذا أمر غيره بالرش؛ إن أمره بالرش على فناء الدكان، يعني دكان الآمر؛ فالآمر ضامن، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015