غصب من آخر أرضاً وزرعها، وانتقصت الأرض بسبب الزراعة، فعلى الغاصب نقصان الأرض، واختلف المشايخ في طريق معرفة النقصان، قال بعضهم: ينظر بكم تؤاجر هذه الأرض قبل الزراعة، وبكم تؤاجر بعد الزراعة، فمقدار التفاوت نقصان الأرض، وقال بعضهم: ينظر بكم تشترى هذه الأرض قبل الزراعة، وبكم تشترى بعد الزراعة فمقدار التفاوت نقصان الأرض، قال شمس الأئمة السرخسي: والقول الأول أقرب إلى الصواب.
قطع شجرة من دار رجل بغير أمره، فرب الدار بالخيار؛ إن شاء ترك الشجرة على القاطع، وضمنه قيمة الشجرة قائمة، وطريقة معرفة ذلك أن تقوم الدار مع الشجرة، ويقوم الدار بدون الشجرة، فيضمن فضل ما بينهما. وإن شاء أمسك الشجرة، ويضمنه قيمة النقصان قائماً وطريقة معرفة ذلك: أن يقوم الدار مع الشجرة، وبغير الشجرة أصلاً، فتفاوت ما بينهما قيمة الشجرة، ثم ينظر إلى ذلك وإلى قيمة الشجرة مقطوعة ففضل ما بينهما قيمة نقصان القطع، حتى لو كان قيمة الشجرة مقطوعة وغير مقطوعة على السواء، لا شيء عليه.
في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله وفي «مجموع النوازل» من قلع شجرة من بستان رجل أو من داره فاستهلكها، فعليه نقصان الدار والبستان، ومن قلع شجرة من أرض رجل، فعليه قيمة الحطب، جاء إلى تنور راش وقد سخنت بقصب فصب فيه الماء، ننظر إلى قيمة التنور كذلك وإلى قيمته غير مسجور فيضمن فضل بينهما، وكذلك بئر الماء إذا بال فيها إنسان على هذا.
في «واقعات الناطفي» ، وفي جنايات «فتاوى أهل سمرقند» : فتح رأس تنور إنسان حتى برد، فعليه قيمة الحطب مقدار ما يسجر به التنور، ويمكن أن يقال: ينظر بكم يستأجر التنور المسجور يبيع به من غير أن يسجره، فيضمن ذلك القدر، أو ينظر إلى أجرته مسجوراً أو غير مسجور، فيضمن تفاوت ما بينهما.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : غصب من آخر حنطة، وغصب من آخر شعيراً، وخلطهما؛ ضمن لكل واحد منهما مثل ما غصب منه، ولم يذكر في «الكتاب» أن المخلوط لمن يكون، واعلم بأن الخلط يكون على نوعين:
خلط لا يتأتى معه التمييز كخلط اللبن باللبن، والحنطة بالحنطة وفي هذه الصورة يكون المخلوط ملكاً للخالط، ويتقرر حق المالك في المثل عند أبي حنيفة رضي الله عنه، ولكن لا يحل للخالط الانتفاع بالمخلوط، قبل أداء البدل وعلى قول أبي يوسف