على ملك مالكه. وإذا غصب تراباً ولبّنة، أو جعله آنية، فإن كان له قيمة، فهو مثل الحنطة إذا طحنها، وإن لم يكن له قيمة فهو له، ولا شيء عليه من الضمان؛ لأن الضمان إنما يقام مقام العين عند تقومه، وفي كل موضع ينقطع حق المالك، فالمغصوب منه أحق بذلك الشيء من بين سائر الناس حتى يستوفي حقه، فإن ضاع ذلك ضاع من مال الغاصب، ولا يكون هذا بمنزلة الرهن، هكذا ذكر في «المنتقى» . وفي «القدوري» أن المغصوب منه يكون أسوة للغرماء في الثمن، ولا يكون أخص بشيء من ذلك.

وفي «المنتقى» : ابن سماعة في «نوادره» عن محمد: رجل هشم طستاً لرجل، وهو مما يباع وزناً، فرب الطست بالخيار؛ إن شاء أمسك الطست، ولا شيء له، وإن شاء دفعه وأخذ قيمته وكذلك كل إناء مصنوع. وإن كان مما لا يباع وزناً كالسيف، فكسره رجل كان عليه ما نقصه، فإن جاء آخر، واستهلك السيف المكسور كان عليه حديد مثله، قال من قبل أنه يجوز للرجل أن يبيع سيفاً بدراهم وحديد مثل السيف، ولا يجوز أن يبيع طستاً يباع وزناً بدراهم وصفر مثل وزن الطست. قال في «المنتقى» أيضاً: وإذا باع الرجل شيئاً من غيره، ثم إن البائع فعل بعض ما وصفنا كل شيء كان الغاصب فيه مستهلكاً، ولم يكن للمغصوب منه أن يأخذه، فكذا ليس للمشتري أن يأخذه، وكل شيء لم يكن الغاصب فيه مستهلكاً، وكان للمغصوب منه أن يأخذه، فللمشتري أن يأخذه.

وفي «العيون» : غصب من آخر عبداً قيمته خمسمائة فخصاه فصار يساوي ألف درهم، نص عن محمد أن صاحب الغلام بالخيار؛ إن شاء ضمنه قيمته يوم الخصاء خمسمائة، وإن شاء أخذ الغلام، ولا شيء له، وقال بعض المشايخ: يقوم الغلام بكم يشترى للعمل قبل الخصاء، ويقوم بعد الخصاء فيرجع بفضل ما ينتهي، قال الصدر الشهيد حسام الدين رحمه الله: وهذان الجوابان خلاف ما حفظنا في المسائل المختلفة، فالمحفوظ فيها أن صاحب الغلام بالخيار؛ إن شاء ترك الغلام على الغاصب، وضمنه قيمته بخمسمائة، وإن أراد أخذ العبد يقوم العبد قبل الخصاء للعمل، ويقوم بعد الخصاء للعمل، فيرجع بنقصان ما بينهما؛ لأن هذه الزيادة حدثت بناء على رغبات فاسدة فيتأمل عند الفتوى، هذا كله بيان أحد حكمي الغصب.

جئنا إلى بيان الحكم الآخر، وهو وجوب الضمان حال عجز الغاصب عن رد العين، فنقول: المغصوب نوعان: مثلي الكيل والوزن الذي ليس في تبعيضه ضرر، والعددي المتقارب كالبيض والجوز والفلوس الرائجة، وما أشبه ذلك من العدديات التي لا تتفاوت أفراده وغير مثلي كالذرعيات والحيوان والعدديات المتفاوتة، والوزن الذي يضر تبعيضه، فإن كان غير مثلي فهلك في يد الغاصب بآفة سماوية أو بفعل الغاصب، أو بفعل غيره وجب عليه قيمته يوم الغصب، وإن كان مثلياً وجب عليه مثله إلا إذا وقع العجز عن رد المثل، وذلك بالانقطاع عن أيدي الناس، فحينئذٍ يصار إلى القيمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015