الساجة، وإذا كانت قيمة الساجة أكثر من قيمة البناء له أن يأخذ الساجة، وقال: المراد بما ذكر في «الكتاب» ما قلنا، وزعم أن هذا هو المذهب، قال مشايخنا: وهذا قريب من مسائل حفظت عن محمد رحمه الله أن من كان في يده لؤلؤة، فسقطت اللؤلؤة، فابتلعتها دجاجة إنسان ينظر إلى قيمة الدجاجة واللؤلؤة، إن كانت قيمة الدجاجة أقل يخير صاحب اللؤلؤة إن شاء أخذ الدجاجة، وضمن قيمتها للمالك، وإن شاء ترك اللؤلؤة، وضمن صاحب الدجاجة قيمة اللؤلؤة، وكذلك لو أودع رجلاً فصيلاً، فكبر الفصيل حتى لا يمكن إخراجه من البيت إلا بنقض البناء ينظر إلى أكثرها قيمة، ويخير صاحب الأكثر، وستأتي مسألة الدجاجة واللؤلؤة، ومسألة الفصيل بعد هذا إن شاء الله تعالى.
ولم يذكر في «الأصل» ما إذا أراد الغاصب أن ينقض البناء، ويرد الساجة هل يحل له ذلك؟ وهذا على وجهين: إن كان القاضي قضى عليه بالقيمة لا يحل له نقض البناء، وإذا انتقض لم يستطع رد الساجة، وإن كان القاضي لم يقض عليه بالقيمة؛ اختلف فيه المشايخ؛ بعضهم قالوا: يحل وبعضهم قالوا: لا يحل لما فيه من تضييع المال من غير فائدة.
غصب من آخر داراً ونقشها بهذه الأصباغ بعشرة آلاف، ثم جاء صاحب الدار أقول له: إن شئت فخذ الدار، وأعط الغاصب ما زاد الأصباغ فيه، فإن أبى جعلت الدار للغاصب بقيمتها إذا كان يبلغ الأصباغ شيئاً كبيراً، ولم ترتث هكذا روى هشام عن محمد رحمه الله، واستشهد عليه بدجاجة ابتلعت لؤلؤة؛ قال هشام: سمعت أبا يوسف يقول في هذه المسألة: يقال لصاحب الدار: أعطِ الغاصب ما زاد النقش في دارك، فإن أبى أمر به بقلعه، وضمنه ما نقص القلع.
وفي «القدوري» : غصب من آخر داراً وجصها ثم ردها، قيل لصاحبها: أعطِ ما زاد الجص فيها إلا أن يرضى صاحب الدار أن يأخذ الغاصب جصه، قال هشام: قلت لمحمد رحمه الله: رجل وثب على باب مقلوع، ونقشه بالأصباغ، قال: سبيله سبيل الدار، قلت: وإن كان نقشه بالنقر وليس بالأصباغ قال: فهذا مستهلك للباب، وعليه قيمته، والباب له، قال: وكذلك لو نقش إناء فضة بالنقر.
قال هشام: وسألت محمداً عن رجل غصب أرضاً، وغرس فيها أشجاراً فَغَلُظَ وبلغ، قال: إن كان قلع الأشجار يفسد الأرض، فصاحب الأرض بالخيار؛ إن شاء أعطاه ما زاد الأشجار في أرضه بالغاً (ما بلغ) وإن شاء أخذه فقلعه وضمنه النقصان، وإن كان قلع الأشجار لا يفسد الأرض ولكن ينقصها شيئاً، فإنه يأخذ الأرض، ويقلع الأشجار ويضمنه النقصان، وليس لصاحب الأرض أن يقول: أنا آخذ الأشجار ولا أقلعها، وأعطيه قيمتها، إنما له أن يعطيه قيمتها إذا كان القلع يفسد الأرض.
غصب خمر مسلم وخللها، قال في «الكتاب» : لرب الخمر أن يأخذها، واختلف المشايخ فيه قال بعضهم: تأويل المسألة ما إذا خللها بشيء لا قيمة له بأن نقل من الشمس إلى الظل أو من الظل إلى الشمس أو ألقى فيه شيئاً يسيراً من الملح أو الخل،