وما نقصه، وهذا إذا كان النقصان يسيراً، فإن كان فاحشاً يخير المالك بين الأخذ والترك، وعليه أكثر المشايخ، ولو غصب صبياً فشب عنده، أو نبت شعر وجهه فصار ملتحياً، أخذه صاحبه، ولا يضمنه شيئاً. ولو غصب جارية ناهدة الثديين، فانكسر ثديها عنده ضمن النقصان.
ولو غصب عبداً محترفاً فنسي ذلك عند الغاصب كان ضامناً للنقصان، ولو غصب ثوباً فعفي عنده أو اصفر، أخذه المالك وما نقصه، وهذا إذا كان النقصان يسيراً، فأما إذا كان كثيراً يخير بين الأخذ والترك، وإن كان المغصوب مكيلاً أو موزوناً فعفن عند الغاصب فعليه مثله، وهذا الفاسد للغاصب، وإن شاء أخذ الطعام العفن ولا شيء له، وإنما كان كذلك؛ لأن تضمين النقصان في المكيلات والموزونات يؤدي إلى الربا؛ لأنه يصل إليه مثل وزنه وكيله وزيادة، فتكون الزيادة بإزاء الجودة، والجودة في مال الربا لا قيمة لها بانفرادها، والاعتياض عما لا قيمة له ربا، وفي الثياب لا يكون رباً؛ لأن الزيادة تكون بإزاء الجودة، والاعتياض عن الجودة في الثياب جائز.
غصب فضة وضربها دراهم أو صاغها إناءً، أو غصب ذهباً فضربه دنانير، أو صاغه إناءً؛ قال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا ينقطع حق المالك بل يأخذ الذهب والفضة، ولا أجر للغاصب، وقال أبو يوسف ومحمد: ينقطع حق المالك، ويعطيه مثل ذهبه، وإن غصب دراهم وسبكها، ولم يضرب منه شيئاً، فإنه لا ينقطع حق المالك بلا خلاف.
فوجه قول أبي يوسف ومحمد: أنه أحدث صنعة متقومة، واستهلك المغصوب من وجه، أما إذا ضربها دراهم؛ لأنه كسرها؛ لأن ضرب الدراهم لا يتأتى إلا بعد الكسر، وأما إذا صاغها إناءً، فلأنه أخرجه من الثمنية؛ لأنه قبل هذا لا يتعين بالتعيين، والآن يتعين.
وأبو حنيفة رضي الله عنه يقول: الاستهلاك لم يوجد، ومجرد الصنعة بدون الاستهلاك من وجه لا يوجب انقطاع حق المالك، وإنما قلنا: لم يوجد الاستهلاك؛ لأن الاستهلاك من وجه بتفويت بعض الأعيان، أو بتفويت جنس المنفعة، وبضرب الفضة دراهم لم يثبت شيء من العين؛ لأن قيام العين في الذهب والفضة بقيام الوزن، والوزن على حاله، ولم يثبت جنس المنفعة؛ لأن منفعتها الثمنية، والثمنية قد ازدادت بالضرب دراهم، وكذلك بجعلها إناءً لم تفت العين، ولم تفت منفعة الثمينة، بل انتقصت مع الثمنية، وبالنقصان لا ينقطع حق المالك.
ولو غصب صفراً وجعل كوزاً انقطع حق المالك، وكان الكرخي رحمه الله يقول: هذا إذا كان بعد الصنعة لا يباع وزناً، أما إذا كان يباع وزناً ينبغي أن لا ينقطع حق المالك عند أبي حنيفة رضي الله عنه كما في النقرة، قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: والصحيح أن الجواب مطلق؛ بخلاف النقرة عند أبي حنيفة رضي الله عنه.
وإن كسر صاحب الصفر الكوز بعدما ضمن الغاصب قيمة صفرته، أو قبل أن يقضى