للغاصب، وإن شاء أخذ الثوب وضمن للغاصب ما زاد الصبغ فيه؛ لأن الصبغ مال متقوم للغاصب، قائم في الثوب، ويقدر اتصال منفعة كل واحد منهما إلى صاحبه على الانفراد، فلا بد من ترجيح أحد الجانبين، فرجحان جانب صاحب الثوب؛ لأنه صاحب الثوب؛ (113أ2) صاحب أصل، وإن شاء ضمنه قيمة الثوب الأبيض، وترك الثوب عليه حتى لا يلزمه زيادة غرم، وهو قيمة الصبغ، وإن شاء أخذ الثوب، وضمن قيمة ما زاد الصبغ فيه، فيصل إلى مالك الثوب عمن حقه، وإلى صاحب الصبغ مالية حقه، وفيه خيار آخر، وهو أن يترك الثوب على حاله، والصبغ على حاله، ويباع الثوب، ويقسم الثمن بينهما على قدر حقيهما.
وإن صبغه أسود، ثم جاء رب الثوب كان له أن يضمن الغاصب، وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه، وقال أبو يوسف ومحمد: السواد بمنزلة العصفر، وهذا اختلاف زمان، وقيل: السواد يزيد في قيمة بعض الثياب، وينقص من قيمة البعض، فإن كان المغصوب شيئاً ينقص بالسواد فالجواب ما قال أبو حنيفة رضي الله عنه، وإن كان يزيد فالجواب ما قالا، ولم يذكر في «الكتاب» ما إذا نقص عصفر الثوب بأن كان قيمة الثوب ثلاثون فعاد قيمته إلى عشرين، وقد يكون لون عصفر نقصاناً في الثوب.
وروى هشام عن محمد: أنه ينظر إلى قيمة الصبغ في ثوب يزيد فيه، فإن كان قيمته خمسة فلصاحب الثوب أن يأخذ ثوبه، ويأخذ خمسة دراهم؛ لأن صاحب الثوب استوجب على الغاصب عشرة، والغاصب استوجب عليه قيمة الصبغ خمسة، فصارت الخمسة بالخمسة قصاصاً، بقي نقصان الثوب بقدر خمسة بلا جابر، وكذلك السواد على هذا، ولو غصب من آخر ثوباً وقصره؛ كان لصاحب الثوب أن يأخذ الثوب، ولا يضمن للغاصب شيئاً؛ لأنه لم يتصل بالثوب شيء من مال الغاصب.
وإذا غصب سويقاً ولته بسمن ثم حضر المالك فله الخيار؛ إن شاء ترك السويق مع أن السويق من ذوات الأمثال، بعض مشايخنا قالوا: المراد فهو من القيمة المذكورة في «الكتاب» المثل، أو إن كان المراد حقيقة القيمة فهو محمول على ما إذا انقطع السويق، وبعضهم قالوا: إن كان المراد حقيقة القيمة فهو محمول على الرواية التي لا تجوز بيع السويق بمثله، فإن في بيع السويق بمثله روايتان؛ وإن شاء أخذ السويق وضمن سمناً مثل سمن الغاصب.
وإذا غصب ثوباً وقطعه قميصاً، ولم يخطه، فله أن يأخذ ثوبه، وضمنه ما نقصه القطع، وإن شاء ترك الثوب عليه وضمنه قيمته، حتى المسألة تبنى على مسألة أخرى أن من خرق ثوباً لغيره إن كان الخرق فاحشاً، فصاحب الثوب بالخيار؛ إن شاء ترك الثوب عليه، وضمنه جميع قيمة الثوب، وإن شاء أخذ الثوب وضمنه النقصان، وإن كان الخرق يسيراً كان المهلك يضمن النقصان لا غير.
واختلف المتأخرون في الحد الفاصل بين الخرق اليسير وبين الفاحش؛ بعضهم قالوا: إن أوجب نقصان ربع القيمة فصاعداً فهو فاحش، وإن كان دون ذلك فهو يسير،