حق المولى ثم القاضي يرجع بما أنفق على الآبق مدة حبسه في ثمنه إن باعه، وإن حضر مولاه يرجع عليه بذلك أخذ الآبق لم يقدر على أخذه أفضل من الترك، وفي حال الضال اختلف المشايخ.
وإذا أخذ آبقاً ورده على مولاه؛ إن كان أخذه من مسيرة سفر أو أكثر فله أربعون درهماً لا يزاد عليه، وإن كان عليه قيمته أربعين تنقص عن الأربعين درهم عند محمد، وهو قول أبي يوسف الأول، وفي قوله الآخر له الجعل حملاً؛ لأن وجوب الجعل عرف بإيجاب الصحابة رضوان الله عليهم، وهم أوجبوا أربعين درهماً من غير أن يتعرضوا لقيمة العبد.
وإن كانت قيمته دون أربعين درهماً، فعلى قول محمد؛ وهو قول أبي يوسف الأول يحط عن قيمته درهم، ويجب الباقي حتى إذا كانت قيمته عشرة دراهم تجب تسعة دراهم، وعلى قول أبي يوسف الآخر يجب الجعل كله، وروي عن أبي يوسف رواية أخرى فيما إذا قيمته أربعون أنه ينقص من الجعل ما يقطع فيه العد، وإن كان أخذه في المصر أو خارجاً منه، ولكن ما دون مسيرة السفر يرضخ له هكذا ذكر في «الأصل» ، وفي «المجرد» عن أبي حنيفة رضي الله عنه: إذا وجده في المصر فلا شيء له، ثم إذا وجب الرضخ إن اصطلح الراد والمردود عليه على شيء فالمراد ذلك، وإن اختصما عند القاضي، فالقاضي يقدر الرضخ على قدر المكان، هكذا قاله بعض مشايخنا.4
وتفسيره: أنه وجب للراد من مسيرة ثلاثة أيام أربعون درهماً، فيكون بإزاء كل يوم ثلاثة عشر درهماً وثلث درهم فيقضى بذلك إن رده من مسيرة يوم، وإليه أشار في «الكتاب» ، وبعضهم يفوض إلى رأي الإمام، وهذا ليس بالاعتبار.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : والحكم في رد الصغير؛ كالحكم في رد الكبير، إن رده من مسيرة السفر فله أربعون درهماً، وإن كان رده مسيرة السفر، فله الرضخ ويرضخ في الكبير أكثر مما يرضخ في الصغير إن كان الكبير أشدهما مؤنة. قالوا: وما ذكر من الجواب في الصغير محمول على ما إذا كان صغيراً يعقل الإباق، أما إذا كان صغيراً لا يعقل الإباق فهو ضال، ورأوا الضال لا يستحق الجعل، وقد نص على هذا التفصيل في «المنتقى» .
وإن كان الدين بين رجلين فالجعل عليهما على قدر أنصبائهما، فإن كان أحد المولين حاضراً والآخر غائباً، فليس للآخر أن يأخذه حتى يعطيه جعله كله، وإذا أخطأه لم يكن متطوعاً؛ لأنه مضطر في أداء حصة صاحبه، وهو نظير المشتريين صفقة واحدة إذا أدى أحدهما كل الثمن.